فينادي، قيل هذا ليس في الصحيح، فإن صح أمكن الجمع بين الخبرين بأن ينادي هو ويأمر منادياً ينادي. أما أن يعارض بهذا النقل النقل الصحيح المستفيض الذي اتفق أهل العلم بالحديث على صحته وتلقيه بالقبول مع أنه صريح في أن الله تعالى هو الذي يقول:" من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ " فلا يجوز.
وكذلك جهم كان ينكر أسماء الله تعالى فلا يسميه شيئاً ولا حياً ولا غير ذلك إلا على سبيل المجاز، قال لأنه إذا سمي باسم تسمى به المخلوق كان تشبيهاً، وكان جهم مجبراً يقول: إن العبد لا يفعل شيئاً، فلهذا نقل عنه أنه سمى الله قادراً لأن العبد عنده ليس بقادر.
ثم إن المعتزلة الذين اتبعوا عمرو بن عبيد على قوله في القدر والوعيد دخلوا في مذهب جهم، فأثبتوا أسماء الله تعالى ولم يثبتوا صفاته، وقالوا نقول أن الله متكلم حقيقة، وقد يذكرون إجماع المسلمين على أن الله متكلم حقيقة، لئلا يضاف إليهم أنهم يقولون أنه غير متكلم، لكن معنى كونه سبحانه متكلماً عندهم أنه خلق الكلام في غيره، فمذهبهم ومذهب الجهمية في المعنى سواء، لكن هؤلاء يقولون هو متكلم حقيقة وأولئك ينفون أن يكون متكلماً حقيقة. وحقيقة قول الطائفتين أنه غير متكلم، فإنه لا يعقل متكلم إلا من قام به الكلام، ولا مريد إلا من قامت به الإرادة، ولا محب ولا راض ولا مبغض ولا رحيم إلا من قام به الإرادة والمحبة والرضى والبغض والرحمة، وقد وافقهم على ذلك كثير ممن انتسب في الفقه إلى أبي حنيفة من المعتزلة، وغيرهم من أئمة المسلمين ليس فيهم من يقول بقول المعتزلة لا في نفي الصفات ولا في القدر ولا المنزلة بين المنزلتين ولا إنفاذ الوعيد.
ثم تنازع المعتزلة والكلابية في حقيقة المتكلم، فقالت المعتزلة: المتكلم من فعل الكلام ولو أنه أحدثه في غيره، ليقولوا أن الله يخلق الكلام في غيره وهو متكلم به، وقالت الكلابية: المتكلم من قام به الكلام وإن لم يكن متكلماً بمشيئته