للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فيجب إذا أراد بهذه الأسماء آدمياً وهو في الصلاة أن لا تبطل صلاته، قيل له: كذلك نقول قد ورد ذلك عن علي وغيره إذ ناداه رجل من الخوارج " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " قال فأجابه علي وهو في الصلاة " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخلفنك الذين لا يوقنون " وعن ابن مسعود أنه استأذن عليه بعض أصحابه فقال: " ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ".

قال: فإن قيل أليس إذا قال: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة " ونوى به خطاب غلام اسمه يحيى يكون الخطاب مخلوقاً؟ وإن نوى به القرآن يكون قديماً، قيل له: في كلا الحالين يكون قديماً لأن القديم عبارة عما كان موجوداً فيما لم يزل، والمحدث عبارة عما حدث بعد أن لم يكن، والنية لا تجعل المحدث قديماً ولا القديم محدثاً، قال: ومن قال هذا فقد بالغ في الجهل والخطأ.

وقال أيضاً: كل شيء يشبه بشيء ما فإنما يشبهه في بعض الأشياء دون بعض ولا يشبهه من جميع أحواله لأنه إذا كان مثله في جميع أحواله كان هو لا غيره، وقد بينا أن هذه الحروف تشبه حروف القرآن فهي غيرها.

قلت: هذا كلام القاضي يعقوب وأمثاله مع أنه أجل من تكلم في هذه المسألة ولما كان جوابه مشتملاً على ما يخالف النص والإجماع والعقل خالفه ابن عقيل وغيره من أئمة المذهب الذين هم أعلم به.

وأجاب ابن عقيل عن سؤال الذين قالوا هذا مثل هذا بأن قال: الاشتراك في الحقيقة لا يدل على الاشتراك في الحدوث، كما أن كونه عالماً هو تبينه للشيء على أصلكم، ومعرفته به على قولنا على الوجه الذي يبينه الواحد منا، وليس مماثلاً لنا في كوننا عالمين، وكذلك كونه قادراً هو صحة الفعل منه سبحانه وتعالى، وليس قدرته على الوجه الذي قدرنا عليها، فليس الاشتراك في الحقيقة حاصلاً، والافتراق في القدم والحدوث حاصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>