للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما أتاها، لم يناد قبل ذلك، وكذلك قوله: " إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون " ومثل هذا في القرآن كثير.

وهذا الأصل هو مما أنكره الإمام أحمد على ابن كلاب وأصحابه حتى على الحارث المحاسبي مع جلالة قدر الحارث، وأمر أحمد بهجره وهجر الكلابية، وقال: احذروا من حارث، الآفة كلها من حارث، فمات الحارث وما صلى عليه إلا نفر قليل بسبب تحذير الإمام أحمد عنه، مع أن فيه من العلم والدين ما هو أفضل من عامة من وافق ابن كلاب على هذا الأصل، وقد قيل أن الحارث رجع عن ذلك وأقر بأن الله يتكلم بصوت كما حكى عنه ذلك صاحب: التعرف لمذهب التصوف، أبو بكر محمد بن إسحاق الكلاباذي.

وكثير من المتأخرين من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وافقوا ابن كلاب على هذا الأصل، كما قد بسط الكلام على ذلك في مواضع أخر.

واختلف كلام ابن عقيل في هذا الأصل، فتارة يقول بقول ابن كلاب وتارة يقول بمذهب السلف وأهل الحديث أن الله تقوم به الأمور الاختيارية، ويقول أنه قام به بأبصار متجددة حين تجدد المرئيات لم تكن قبل ذلك، وقام به علم بأن كل شيء وجد غير العلم الذي كان أولاً أنه سيوجد، كما دل على ذلك عدة آيات في القرآن كقوله تعالى " لنعلم من يتبع الرسول " وغير ذلك، وكلامه في هذا الأصل وغيره يختلف، تارة هذا وتارة يقول هذا، فإن هذه المواضع مواضع مشكلة كثر فيها غلط الناس لما فيها من الاشتباه والالتباس.

والجواب الحق أن كلام الله لا يماثل كلام المخلوقين، كما لا يماثل في شيء من صفاته صفات المخلوقين، وقول القائل أن الاشتراك في الحقيقة لا يدل على الاشتراك في الحدوث لفظ مجمل، فإنا إذا قلنا: لله علم ولنا علم، أو له قدرة ولنا قدرة، أو له كلام ولنا كلام، أو تكلم بصوت ونحن نتكلم بصوت، وقلنا صفة الخالق

<<  <  ج: ص:  >  >>