للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمعنى لا باللفظ واللفظ المبلغ لفظ الرسول وهو كلام الرسول، فإن كان صوت المبلغ ليس صوت الرسول وليس ما قام بالرسول من الصفات والأعراض فارقته وما قامت بغيره، بل ولا تقوم الصفة والعرض بغير محله، وإذا كان هذا معقولاً في صفات المخلوقين فصفات الخالق أولى بكل صفة كمال وأبعد عن كل صفة نقص، والتباين الذي بين صفة الخالق والمخلوق أعظم من التباين الذي بين صفة مخلوق ومخلوق، وامتناع الاتحاد والحلول بالذات للخالق وصفاته في المخلوق عظم من الاتحاد والحلول بالذات للمخلوق وصفاته في المخلوق، وهذه جمل قد بسطت في مواضع أخر.

هذا مع أن احتجاج الجهمية والمعتزلة بأن كلام المخلوق بقوله " يا يحيى خذ الكتاب بقوة " مثل كلام الخالق غلط باتفاق الناس حتى عندهم، فإن الذين يقولون هو مخلوق يقولون أنه خلقه في بعض الأجسام أما الهواء أو غيره، كما يقولون أنه خلق الكلام في نفس الشجرة فسمعه موسى، ومعلوم أن تلك الحروف والأصوات التي خلقها الله ليست مماثلة لما يسمع من العبد وتلك هي كلام الله المسموع منه عندهم، كما أن أهل السنة يقولون الذي تكلم هو الله بمشيئته وليس ذلك مماثلاً لصوت العبد، وأما القائلون بعدم الكلام المعين سواء كان معنى أو حروفاً أو أصواتاً فيقولون خلق لموسى إدراكاً أدرك به ذلك القديم، وبكل حال فكلام المتكلم إذا سمع من المبلغ عنه (١) فكيف يكون ذلك في كلام الله تعالى.


(١) قد سقط من الناسخ هنا خبر "فكلام المتكلم" ويعلم مما سبق وهو أن ما قام بنفس المبلغ غير ما قام بنفس المتكلم المنشئ للكلام ولكنه مثله لتماثل كلام بشر، وبه يظهر قوله فكيف يكون ذلك في كلام الله تعالى؟ يعنى وهو لا يماثل كلام البشر

<<  <  ج: ص:  >  >>