ثم يقول هؤلاء: إن كنتم تقولون بقدم العالم وإنكار انفطار السموات والأرض وانشقاقهما، وإن كنتم تقولون بحدوثهما فكيف كان قبل خلقهما؟ هل كان منتشراً متفرقاً معدوماً، ثم لما خلقهما صار موجوداً مجتمعاً؟ هل يقول هذا عاقل؟ فأنتم دائرون بين نوعين من الكفر، مع غاية الجهل والضلال، فاختاروا أيهما شئتم: إن صور العالم لا تزال تفنى ويحدث في العالم بدلها مثل الحيوان والنبات والمعادن، ومثل ما يحدثه الله في الجو من السحاب والرعد والبرق والمطر وغير ذلك، فكلما عدم شيء من ذلك انتقص من نور الحق ويتفرق ويعدم بقدر ما عدم من ذلك، وكلما زاد شيء من ذلك زاد نوره واجتمع ووجد.
وأما إن عني أن نور الله باق بعد زوال السموات والأرض لكن لا يظهر فيه شيء، - فما الشيء الذي يظهر بعد عدم هذه الأشياء؟ وأي تأثير للسموات والأرض في حفظ نور الله، وقد ثبت في الصحيح عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور - أو النار - لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه " وقال عبد الله بن مسعود " إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات من نور وجهه " فقد أخبر الصادق المصدوق أن الله لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من السموات والأرض وغيرهما، فمن يكون سبحات وجهه تحرق السموات والأرض وإنما حجابه هو الذي يمنع هذا الإحراق، أيكون نوره إنما يحفظ بالسموات والأرض؟ الوجه السابع: قوله فالعلويات جفنها الفوقاني، والسفليات جفنها التحتاني، والتفرقة البشرية في السفليات، أهداب الجفن الفوقاني، والنفس الكلية سوادها، والروح الأعظم بياضها. يقال له: فإذا كان العالم هو هذه العين فالعين الأخرى أي