شيء هي؟ وبقية الأعضاء أين هي؟ هذا على قولك إن عنيت بالعين المتعين، وإن عنيت الذات والنفس وهو ما تعين به، فقد جعلت نفس السموات والأرض والحيوان والملائكة أبعاضاً من الله وأجزاء منه، وهذا قول هؤلاء الزنادقة والفرعونية الاتحادية الذين أتبعهم الله في الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين.
فيقال له: فعلى هذا لم يخلق الله شيئاً ولا هو رب العالمين، لأنه إما أن يخلق نفسه أو غيره، فخلقه لنفسه محال وهذا معلوم بالبديهة أن الشيء لا يخلق نفسه، ولهذا قال تعالى (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون) يقول أخلقوا من غير خالق أم هم خلقوا أنفسهم؟ ولهذا قال جبير بن مطعم لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية أحسست بفؤادي قد انصدع. فقد علموا أن الخالق لا يكون هو المخلوق بالبديهة وخلقه لغيره ممتنع على أصلهم لأن هذه الأشياء هي أجزاء منه ليست غيراً له.
الوجه الثامن: أنه جعل البشر أهداب جفن حقيقة الله وهم دائماً يزيدون وينقصون ويموتون ويحيون، وفيهم الكافر والمؤمن والفاجر والبر، فتكون أهداب جفن حقيقة الله لا تزال منتوفة كاشرة فاسدة، ويكون المشركون واليهود والنصارى أجفان حقيقته، وقد لعن من جعلهم أبناءه على سبيل الاصطفاء فكيف بمن جعلهم من نفسه.
الوجه التاسع: أنه متناقص من حيث جعل الروح بياضها والنفس الكلية سوادها والسموات الجفن الأعلى والأرضون الجفن الأسفل. ومعلوم أن جفني عين الإنسان محيطان بالسواد والبياض، والروح والنفس عنده هي فوق السموات والأرض ليست بين السماء والأرض، كما أن سواد العين وبياضها بين الجفنين، فهذا التمثيل مع أنه من أقبح الكفر ففيه من الجهالة والتناقض ما تراه.
الوجه العاشر: أن النفس الكلية اسم تلقاه عن الصابئة الفلاسفة. وأما الروح فإن مقصوده بها هو الذي يسمونه العقل وهو أول الصادرات. وسماه هو روحاً، وهذا بناه على مذهب الصابئة، وليس هذا من دين الحنفاء، وقد بينا فساد