للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باطل مخالف للسنة والإجماع، ولهذا اتفق المسلمون على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانوا متفاضلين في الهدى والنور والإصابة، ولهذا كان الصديق أفضل من المحدث، لأن الصديق يأخذ من مشكاة النبوة فلا يأخذ إلا شيئاً معصوماً محفوظاً، وأما المحدث فيقع له صواب وخطأ، والكتاب والسنة تميز صوابه من خطئه. وبهذا صار جميع الأولياء مفترقين إلى الكتاب والسنة، لا بد لهم أن يزنوا جميع أمورهم بآثار الرسول، فما وافق آثار الرسول فهو الحق وما خالف ذلك فهو باطل وإن كانوا مجتهدين فيه والله تعالى يثيبهم على اجتهادهم ويغفر لهم خطأهم.

ومعلوم أن السابقين الأولين أعظم اهتداء واتباعاً للآثار النبوية فهم أعظم إيماناً وتقوى. وأما آخر الأولياء فلا يحصل له مثل ما حصل لهم.

والحديث الذي يروى " مثل أمتي كمثل الغيث لا يدرى أوله خير أو آخره " قد تكلم في إسناده، وبتقدير صحته إنما معناه بما في آخر الأمة من يقارب أولها (١) حتى يشتبه على بعض الناس أيهما خير كما يشتبه على بعض الناس طرفا الثوب، مع القطع بأن الأول خير من الآخر ولهذا قال " لا يدرى " ومعلوم أن هذا السلب ليس عاماً لها فإنه لا بد أن يكون معلوماً أيهما أفضل.

ثم أن هذا خاتم الأولياء صار مرتبة موهومة لا حقيقة له وصار يدعيها لنفسه أو لشيخه طوائف، وقد ادعاها غير واحد ولم يدعها إلا من في كلامه من الباطل ما لم تقله اليهود ولا النصارى، كما ادعاها صاحب الفصوص، وتابعه صاحب الكلام في


(١) فيه معنى آخر، وهو أن هذا الخير في المتأخر نسبي وهو أن القليل منه يعد كثيراً بالنسبة إلى فساد زمنه. ويدل عليه أحاديث: منها أنه عندما يجاهر الناس بالزنا في الطريق يقول قائلهم: ما ضر هذين لو استترا وراء هذا الجدار - وهو يعد كأبي بكر وعمر فيكم

<<  <  ج: ص:  >  >>