للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحروف، وشيخ من أتباعهم كان بدمشق، وآخر كان يزعم أنه المهدي الذي يزوج ابنته بعيسى بن مريم، وأنه خاتم الأولياء. ويدعي هؤلاء وأمثالهم من الأمور ما لا يصلح إلا لله وحده، كما قد يدعي المدعي منهم لنفسه أو لشيخه ما ادعته النصارى في المسيح.

ثم صاحب الفصوص وأمثاله بنوا الأمر على أن الولي يأخذ عن الله بلا واسطة، والنبي يأخذ بواسطة الملك، فلهذا صار خاتم الأولياء أفضل عندهم من هذه الجهة، وهذا باطل وكذب، فإن الولي لا يأخذ عن الله إلا بواسطة الرسول إليه، وإذا كان محدثاً قد ألقي إليه شيء وجب عليه أن يزنه بما جاء به الرسول من الكتاب والسنة.

وتكليم الله لعباده على ثلاثة أوجه: من وراء حجاب كما كلم موسى، وبإرسال رسول كما أرسل الملائكة إلى الأنبياء، وبالإيحاء، وهذا فيه للولي نصيب، وأما المرتبتان الأوليان فإنهما للأنبياء خاصة، والأولياء الذين قامت عليهم الحجة بالرسل لا يأخذون علم الدين إلا بتوسط رسل الله إليهم، ولو لم يكن إلا عرضه على ما جاء به الرسول (١) ولن يصلوا في أخذهم عن الله إلى مرتبة نبي أو رسول، فكيف يكونون آخذين عن الله بلا واسطة ويكون هذا الأخذ أعلى وهم لا يصلون إلى مقام تكليم موسى ولا إلى مقام نزول الملائكة عليهم كما نزلت على الأنبياء، وهذا دين المسلمين واليهود والنصارى.

وأما هؤلاء الجهمية الاتحادية فبنوا على أصلهم الفاسد: أن الله هو الوجود المطلق الثابت لكل موجود، وصار ما يقع في قلوبهم من الخواطر - وإن كانت


(١) كذا ولعل جواب لو سقط من الناسخ أو حذف للعلم به. وفيه أنهم يعترفون بهذا الاخذ لاحكام التشريع الظاهرة دون الحقائق الباطنة التي يدعونها ويطلقونها على فلسفتهم وخيالاتهم الباطلة

<<  <  ج: ص:  >  >>