والآفات، كما يقال: فلان قد عرض له مرض شديد، وفلان قد أحدث حدثاً عظيماً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " وقال " لعن الله من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً " وقال " إذا أحدث أحدكم فلا يصلي حتى يتوضأ " ويقول الفقهاء: الطهارة نوعان، طهارة الحديث وطهارة الخبث. ويقول أهل الكلام: اختلف الناس في أهل الأحداث من أهل القبلة، كالربا والسرقة وشرب الخمر، ويقال فلان به عارض من الجن، وفلان حدث له مرض. فهذه من النقائص التي تنزه الله عنها.
وإن أريد بالأعراض والحوادث اصطلاح خاص فإنما أحدث ذلك الاصطلاح من أحدثه من أهل الكلام، وليست هذه لغة العرب ولا لغة أحد من الأمم، لا لغة القرآن ولا غيره ولا العرف العام ولا اصطلاح أكثر الخائضين في العلم، بل مبتدعو هذا الاصطلاح هم من أهل البدع المحدثين في الأمة الداخلين في ذم النبي صلى الله عليه وسلم. وبكل حال مجرد هذا الاصطلاح وتسمية هذه أعراضاً وحوادث لا يخرجها عن أنها من الكمال الذي يكون المتصف به أكمل ممن لا يمكنه الاتصاف بها أو يمكنه ذلك ولا يتصف بها. وأيضاً فإذا قدر اثنان أحدهما موصوف بصفات الكمال التي هي أعراض وحوادث على اصطلاحهم كالعلم والقدرة والفعل والبطش، والآخر يمتنع أن يتصف بهذه الصفات التي هي أعراض وحوادث كان الأول أكمل، كما أن الحي المتصف بهذه الصفات أكمل من الجمادات. وكذلك إذا قدر اثنان أحدهما يحب نعوت الكمال ويفرح بها ويرضاها والآخر لا فرق عنده بين صفات الكمال وصفات النقص فلا يحب لا هذا ولا هذا ولا يرضى لا هذا ولا هذا، ولا يفرح لا بهذا ولا بهذا كان الأول أكمل من الثاني. ومعلوم أن الله تبارك وتعالى يحب المحسنين والمتقين والصابرين والمقسطين ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهذه كلها صفات كمال. وكذلك إذا قدر اثنان أحدهما يبغض المتصف بضد الكمال كالظلم والجهل والكذب ويغضب على من يفعل ذلك، والآخر لا فرق عنده بين الجاهل الكاذب