الظالم وبين العالم الصادق العادل لا يبغض لا هذا ولا هذا، ولا يغضب لا على هذا ولا على هذا كان الأول أكمل. وكذلك إذا قدر اثنان أحدهما يقدر أن يفعل بيديه ويقبل بوجهه والآخر لا يمكنه ذلك إما لامتناع أن يكون له وجه ويدان، وإما لامتناع الفعل والإقبال عليه باليدين والوجه كان الأول أكمل. فالوجه واليودان لا يعدان من صفات النقص في شيء مما يوصف بذلك، ووجه كل شيء بحسب ما يضاف إليه وهو ممدوح به. لا مذموم كوجه النهار، ووجه الثوب، ووجه القوم، ووجه الخيل، ووجه الرأي، وغير ذلك، وليس الوجه المضاف إلى غيره هو نفس المضاف إليه في شيء من موارد الاستعمال سواء كان الاستعمال حقيقة أو مجازاً. فإن قيل: من يمكنه الفعل بكلامه أو بقدرته بدون يديه أكمل ممن يفعل بيديه.
قيل من يمكنه الفعل بقدرته أو تكليمه إذا شاء وبيديه إذا شاء هو أكمل ممن لا يمكنه الفعل إلا بقدرته أو تكليمه، ولا يمكنه أن يفعل باليد، ولهذا كان الإنسان أكمل من الجمادات التي تفعل بقوى فيها كالنار والماء، فإذا قدر اثنان أحدهما لا يمكنه الفعل إلا بقوة فيه، والآخر يمكنه الفعل بقوة فيه وبكلامه فهذا أكمل، فإذا قدر آخر يفعل بقوة فيه وبكلامه وبيديه إذا شاء فهو أكمل وأكمل. وأما صفات النقص فمثل النوم، فإن الحي اليقظان أكمل من النائم والوسنان والله لا تأخذه سنة ولا نوم، وكذلك من يحفظ بلا اكتراث أكمل ممن يلزمه ذلك والله تعالى وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما، وكذلك من يفعل ولا يتعب أكمل ممن يتعب والله تعالى خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسه من لغوب. ولهذا وصف الرب بالعلم دون الجهل والقدرة دون العجز، والحياة دون الموت، والسمع والبصر والكلام دون الصم والعمي والبكم، والضحك دون البكاء، والفرح دون الحزن. وأما الغضب مع الرضاء والبغض مع الحب فهو أكمل ممن لا يكون منه إلا الرضى والحب دون البغض والغضب للأمور التي تستحق أن تذم وتبغض،