للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصوص بخلاف إدراك الذوق، فإنه مستلزم للأكل وذلك مستلزم للنقص كما تقدم. وطائفة من نظار المثبتة وصفوه بالأوصاف الخمس من الجانبين.

ومنهم من قال إنه يمكن أن يتعلق به هذه الأنواع كما تتعلق به الرؤية، لاعتقادهم أن مصحح الرؤية الوجود، ولم يقولون أنه متصف بها.

وأكثر مثبتي الرؤية لم يجعلوا مجرد الوجود هو المصحح للرؤية، بل قالوا إن المقتضى أمور وجودية، لا أن كل موجود يصح رؤيته، وبين الأمرين فرق، فإن الثاني يستلزم رؤية كل موجود بخلاف الأول، وإذا كان المصحح للرؤية هي أمور وجودية لا يشترط فيها أمور عدمية، فما كان أحق بالوجود وأبعد عن العدم كان أحق بأن تجوز رؤيته، ومنهم من نفى ما سوى السمع ولبصر من الجانبيين.

فصل

وأما قول القائل: الكمال والنقص من الأمور النسبية - فقد بينا أن الذي يستحقه الرب هو الكمال الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وأنه الكمال الممكن للوجود، ومثل هذا لا ينتفي عن الله أصلاً، والكمال النسبي هو المستلزم للنقص فيكون كمالاً من وجه دون وجه كالأكل للجائع كمال له وللشبعان نقص فيه، لأنه ليس بكمال محض بل هو مقرون بالنقص.

والتعالي والتكبر والثناء على النفس وأمر الناس بعبادته ودعائه والرغبة إليه ونحو ذلك مما هو من خصائص الربوبية هذا كمال محمود من الرب تبارك وتعالى، وهو نقص مذموم من المخلوق، وهذا كالخبر عما هو من خصائص الربوبية كقوله (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني) وقوله تعالى (ادعوني أستجيب لكم) وقوله (إن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) وقوله (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا) وقوله (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) وقوله (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقود الإشهاد) وقوله (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه) وأمثال هذا الكلام الذي يذكر الرب فيه عن نفسه بعض خصائصه وهو في ذلك صادق

<<  <  ج: ص:  >  >>