والكلام والقول يقع على نفس مسمى المصدر وعلى ما يحصل بذلك من نفس القول والكلام، فيراد بالتلاوة والقراءة المقروء والمتلو، كما يراد بها مسمى المصدر.
والمقصود هنا أن القائل إذا قال هذه التصرفات فعل الله أو فعل العبد فإن أراد بذلك أنها فعل الله بمعنى المصدر فهذا باطل باتفاق المسلمين وبصريح العقل، ولكن من قال هي فعل الله أراد به أنها مفعولة مخلوقة لله كسائر المخلوقات.
ثم من هؤلاء من قال أنه ليس لله فعل يقوم به فلا فرق عنده بين فعله ومفعوله وخلقه ومخلوقه.
وأما الجمهور الذين يفرقون بين هذا وهذا فيقولون هذه مخلوقة لله مفعولة ليست هي نفس فعله، وأما العبد فهي فعله القائم به، وهي أيضاً مفعولة له إذا أريد بالفعل المفعول، فمن لم يفرق في حق الرب تعالى بين الفعل والمفعول قال إنها فعل الله تعالى وليس لمسمى فعل الله عنده معنيان، وحينئذ فلا تكون فعلاً للعبد ولا مفعولة له بطريق الأولى، وبعض هؤلاء قال هي فعل للرب وللعبد فأثبت مفعولاً بين فاعلين.
وأكثر المعتزلة يوافقون هؤلاء على أن فعل الرب تعالى لا يكون إلا بمعنى مفعوله مع أنهم يفرقون في العبد بين الفعل والمفعول، فلهذا عظم النزاع وأشكلت المسئلة على الطائفتين وحاروا فيها.
وأما من قال خلق الرب تعالى لمخلوقاته ليس هو نفس مخلوقاته قال أن أفعال العباد مخلوقة كسائر المخلوقات ومفعولة للرب كسائر المفعولات ولم يقل أنها نفس فعل الرب وخلقه، بل قال أنها نفس فعل العبد، وعلى هذا تزول الشبهة، فإنه يقال الكذب والظلم ونحو ذلك من القبائح يتصف بها من كانت فعلاً له كما يفعلها العبد وتقوم به، ولا يتصف بها من كانت مخلوقة له إذا كان قد جعلها صفة لغيره، كما أن سبحانه