والمقصود هنا أن عباده المؤمنين يحبوه وهو يحبهم سبحانه، وحبهم له بحسب فعلهم ما يحبه كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليهوسلم قال " يقول الله تعالى من عادى لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه. وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه ".
فقد بين أن العبد إذا تقرب إلى الله بما يحبه من النوافل بعد الفرائض أحبه الله، فحب الله لعبده بحسب فعل العبد لما يحبه الله. وما يحبه الله من عبادته وطاعته فهو تبع لحب نفسه، وحب ذلك هو سبب حب عباده المؤمنين، فكان حبه للمؤمنين تبعاً لحب نفسه.
فالمؤمنون وإن كانوا يحمدون ربهم ويثنون عليه فهم لا يحصون ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه كما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول اللهم " إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك " وفي الصحيح أنه قال " لا أحد أحب إليه المدح من الله، من أجل ذلك مدح نفسه " وقال له الأسود بن سريع: إني حمدت ربي، فقال " إن ربك يحب الحمد " فهو يحب حمد العباد له وحمده لنفسه أعظم من حمد العباد له ويحب ثناءهم عليه وثناؤه على نفسه أعظم من ثنائهم عليه. وكذلك حبه لنفسه وتعظيمه لنفسه فهو سبحانه أعلم بنفسه من كل أحد وهو الموصوف بصفات الكمال التي لا تبلغها عقول الخلائق، فالعظمة إزاره والكبرياء رداؤه. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم