للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه قرأ (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه) قال " يقبض الله الأرض ويطوي السموات بيمينه ثم يهزهن، ثم يقول: أنا الملك، أنا القدوس، أنا السلام، أنا المؤمن، أنا المهيمن، أنا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئاً، أنا الذي أعيدها " وفي رواية " يحمد الرب نفسه " (١) فهو يحمد نفسه ويثني عليها ويمجد نفسه سبحانه وهو الغني بنفسه لا يحتاج إلى أحد غيره، بل كل ما سواه فقير إليه (يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شان) وهو الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.

فإذا فرح بتوبة التائب وأحب من تقرب إليه بالنوافل ورضي عن السابقين الأولين لم يجز أن يقال: هو مفتقر في ذلك إلى غيره ولا مستكمل بسواه، فإنه هو الذي خلق هؤلاء وهداهم وأعانهم حتى فعلوا ما يحبه ويرضاه ويفرح به.

فهذه المحبوبات لم تحصل إلا بقدرته ومشيئته وخلقه، فله الملك لا شريك له، وله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون.

فهذا ونحوه يحتج به الجمهور الذين يثبتون لأفعاله حكمة تتعلق به يحبها ويرضاها ويفعل لأجلها. قالوا: وقول القائل إن هذا يقتضي أنه مستكمل بغيره فيكون ناقصاً قبل ذلك فعنه أجوبة.

أحدها أن هذا منقوض بنفس ما يفعله من المفعولات فما كان جواباً في المفعولات كان جواباً عن هذا، ونحن لا نعقل في الشاهد فاعلاً إلا مستكملاً بفعله.

الثاني أنهم قالوا: كما له أن يكون لا يزال قادراً على الفعل بحكمة، فلو قدر كونه غير قادر على ذلك لكان ناقصاً.

الثالث قول القائل إنه مستكمل بغيره باطل، فإن ذلك إنما حصل بقدرته ومشيئته لا شريك له في ذلك فلم يكن في ذلك محتاجاً إلى غيره، وإذا قيل


(١) روجع الصحيحان في التوحيد والتفسير فوجد فيهما جهد الطاقة الحديث بغير هذه الألفاظ

<<  <  ج: ص:  >  >>