للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزئيات، فلا علم ولا أعلام، وهذا غاية التعطيل والنقص، وهم ليس لهم دليل قط على قدم شيء من العالم، بل حججهم إنما تدل على قدم نوع الفعل وأنه لم يزل الفاعل فاعلاً أو لم يزل لفعله مدة أو أنه لم يزل للمادة مادة، وليس في شيء من أدلتهم ما يدل على قدم الفلك ولا قدم شيء من حركاته ولا قدم الزمان الذي هو مقدار حركة الفلك. والرسل أخبرت بخلق الأفلاك (١) وخلق الزمان الذي هو مقدار حركتها، مع إخبارها بأنها خلقت من مادة قبل ذلك، وفي زمان قبل هذا الزمان فإنه سبحانه أخبر أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، وسواء قيل أن تلك الأيام بمقدار هذه الأيام المقدرة بطلوع الشمس وغروبها أو قيل أنها أكبر منها كما قال بعضهم: أن كل يوم قدره ألف سنة، فلا ريب أن تلك الأيام التي خلقت فيها السموات والأرض غير هذه الأيام وغير الزمان الذي هو مقدار حركة هذه الأفلاك. وتلك الأيام مقدرة بحركة أجسام موجودة قبل خلق السموات والأرض (٢) .


(١) الفلك في الأصل مدار الكوكب ومجراه في منازله، وفي اصطلاح هؤلاء الفلاسفة الذين يرد الشيخ عليهم أن الفلك جسم صلب شفاف كروي وأن الافلاك تسعة. سبعة منها للدراري السبعة المعروفة على اصطلاحها والثامن لجميع النجوم الثوابت والتاسع خال من الكواكب والنجوم ويسمونه الاطلس. وقد نقض علم الهيئة الجديد هذا الاصطلاح وأثبت بطلانه. وكلام الشيخ ليس نصاً في اثباته وانما يقول أن الفلك بمعناه الأعم وكيفما كان فهو مخلوق
(٢) اليوم في اللغة الوقت الذي يحده ما يقع فيه كأيام العرب في حروبها وغيرها ومنه قوله تعالى (وذكرهم بأيام الله) ومنه يوم الحساب للزمن الذي يقع فيه. فأيام خلق السموات والأرض هي الأزمنة التي خلق الله كل طور أو مقدار منها في زمن
كخلقه لمادة الأرض في يومين وتقدير أقواتها النباتية والحيوانية في يومين تتمة أربعة أيام. كما في سورة فصلت. ولا يعلم تقدير كل يوم منها بأيامنا إلا خالقها عز وجل

<<  <  ج: ص:  >  >>