للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في صلة العقل بالوحي.. أو في صلة استخدام العقل كمطلوب للوحي:

وفي توضيحه صلة العقل بالوحي، أو صلة رجال العقل برجال النص في الجماعة الإسلامية. يرى الشيخ محمد عبده ما رآه "ابن رشد" في القرن السادس الهجري، وما رآه "ابن تيمية" في القرن الثامن من قرون الهجرة، ومن أن النص يجب أن يتفق مع العقل ... يقول:

"فقد أمر الكتاب بالنظر واستعمال العقل: فيما بين أيدينا من ظواهر الكون، وما يمكن النفوذ إليه من دقائقه، تحصيلا لليقين بما هدانا إليه، ونهانا عن التقليد بما حكى من أحوال الأمم في الأخذ بما عليه آباؤهم، فالتقليد مضلة يعذر فيها الحيوان، ولا يجمل بحال الإنسان"١!

ويقول أيضا:

"والذي علينا اعتقاده: أن الدين الإسلامي دين توحيد في العقائد، لا دين تفريق في القواعد! العقل من أشد أعوانه، والنقل من أقوى أركانه, وما وراء ذلك فنزعات شياطين، أو شهوات سلاطين"٢!

فالوحي بالرسالة الإلهية أثر من آثار الله، والعقل الإنسان أثر أيضا من آثار الله في الوجود. وآثار الله يجب أن ينسجم بعضها مع بعض، ولا يعارض بعضها بعضا!

- لأنها آثار للكامل كمالا مطلقا: والعقل البشري يحيل أن يكون هناك تناقض بين آثار الكامل المطلق؛ لأن التناقض في الأفعال نقص! فلو تعارضت أو تناقضت الآثار الصادرة من مصدر واحد، دل تعارضها وتناقضها على عدم الكمال المطلق لهذا التصرف.

- لأن الوحي مصدر هداية، والعقل الإنساني مصدر هداية أيضا: وكلاهما يهدف إلى تحديد الطريق المستقيم في الحياة للإنسان، وإلى تحديد الغاية الأخيرة في هذا الوجود. وأمران شأنهما هذا الشأن، لا بد أن يتفقا في التحديد الإجمالي -على الأقل- لطريق الإنسان في حياته، وغايته في وجوده.


١ رسالة التوحيد: ص١٥.
٢ رسالة التوحيد: ص١٤.

<<  <   >  >>