للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وبالقضاء بالعدل والتمسك به: مهما كانت عوامل الضغط على الانصراف عنه.

- وبالوفاء بالعهد والالتزام به: إذا لم يكن العهد على شر أو فساد، بل كان في سبيل خير ومصلحة, ولذلك عبر عنه "بعهد الله".

فهذه الآية وحدها لم تقف بالإسلام عند حد معنى "الدين" الذي حدده الغربيون "للدين" -وهو الذي يتصل بالعقيدة في الإله، ولا عند حد الوصايا الأخلاقية الفردية فقط.. بل تجاوزت هذين الجانبين إلى جانب التعامل في دائرة الأموال والتبادل التجاري، وفي دائرة القضاء، وفي دائرة الوفاء بالعهد والالتزام- ذلك العهد الذي يصح أن يضاف إلى الله وهو: كل عهد تتوفر فيه المصلحة الخاصة بطرفيه اللذين عقداه بينهما، أو تتوفر فيه المصلحة العامة للجماعة كالعهد الذي بين الراعي العام ورعيته في الجماعة.

والآية إذن، فوق أنها تحدد العقيدة والوصايا الخلقية الفردية، تقرر مبدأ التعامل، ومبدأ القضاء، ومبدأ الدولة نفسها وصلتها بالأفراد, فالدولة عهد بين الأفراد بعضهم مع بعض، ووجوب الوفاء به من البعض نحو البعض الآخر مرهون بأن يكون في سبيل المصلحة العامة.

وتجلي آية أخرى من كتاب الله، هذا الدستور لشخصية الجماعة الإسلامية.. يقول جل شأنه:

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ١.

فأضافت هذه الآية -إلى ما أفادته الآية السابقة- "استقلال" الجماعة الإسلامية ...

يقول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} .. ومعنى ذلك أن الاعتبار في الترابط بين الأفراد والإخلاص فيه هو للإيمان


١ التوبة: ٧١.

<<  <   >  >>