للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن رجال السياسة في الغرب عامة يعرفون جيدا الثمن الذي دفعوه "للفاتيكان" مقابل تأييده للحلفاء ضد النازية والفاشية في الحرب الآخيرة، ويعرفون جيدا أيضا الثمن الذي يدفعونه الآن لقاء تعضيده مقاومة الشيوعية في العالم المسيحي! وكذا رجال السياسة في كل بلد غربي مسيحي الآن يعرفون متى يحكمون؛ وأنه لا بد لهم من تأييد "الكنيسة" المحلية لحكمهم! والتاريخ السياسي الحديث لم يزل يذكر ثورة الأرجنتين على ديكتاتورها السابق عندما شق عصا الطاعة على رجال الكنيسة الأرجنتينية.

ومع أن "مثنوية" الإنسان التي قام عليها الفصل بين الدين والدولة تعتبر فكرة غير سليمة من الوجهة العلمية، وغير عملية من الوجهة التطبيقية, فإن دعاة "التجديد" في الفكر الإسلامي الحديث لا يزالون يرون "الوحدة" في الإنسان وفي القيادة تخلفا؛ لأنها من أصول الإسلام.

وبعد أن يفصل كتاب "الإسلام وأصول الحكم" في أمر الإسلام على أساس "مثنوي"، ويقصر رسالته على ما سماه ولاية القلب، يعود فيصرح بأنه يجب في فهم الإسلام على هذا النحو والحكم عليه بما حكم عليه أن يقتدي بالمسيحية ووضعها، عندما يعترض الإنسان في القرآن أو الحديث الصحيح شأن من شئون الحكم.

يقول:

"ولقد كان عيسى بن مريم عليه السلام رسول الدعوة المسيحية وزعيم المسيحيين، وكان مع هذا يدعو إلى الإذعان لقيصر ويؤمن بسلطانه، وهو الذي أرسل بين أتباعه تلك الكلمة البالغة: أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله١.

ويوضح المؤلف غرضه في قياس الإسلام على المسيحية عندما يواجه الإنسان فيه بشأن من شئون الدولة فيقول:

"تكلم عيسى بن مريم عليه السلام عن حكومة القياصرة، وأمر أن يعطى ما لقيصر لقيصر ... فما كان هذا اعترافا من عيسى بأن الحكومة القيصرية من شريعة الله، ولا مما يعترف به دين المسيحية، وما كان لأحد


١ المصدر السابق: ص٤٩.

<<  <   >  >>