للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ممن يفهم لغة البشر في تخاطبهم أن يتخذ من كلمة عيسى حجة له على ذلك. وكل ما جرى في أحاديث "النبي" صلى الله عليه وسلم- من ذكر الإمامة والخلافة، والبيعة.. لا يدل على شيء أكثر مما دل عليه "المسيح" حينما ذكر بعض الأحكام الشرعية عن حكومة قيصر ... فإن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد ذكر البيعة، والحكم والحكومة، وتكلم عن طاعة الأمراء. "الولاة" وشرع لنا الأحكام في ذلك، فوجه ذلك ما عرفت وفهمت"١.

ولتأكيد ما ذهب إليه هنا يعقب المؤلف بقوله:

"لم يبق أمامك -بعد الذي سبق- إلا مذهب واحد، وعسى أن تجده مذهبا واضحا ... ذلك هو القول: بأن محمد -صلى الله عليه وسلم- ما كان إلا رسولا لدعوة "دينية" خالصة للدين، لا تشوبها نزعة ملك ولا حكومة. وأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقم بتأسيس مملكة بالمعنى الذي يفهم "سياسة" من هذه الكلمة ومرادفاتها.. ما كان إلا رسولا كإخوانه الخالين من الرسل، وما كان ملكا، ولا مؤسس دولة، ولا داعيا إلى ملك"٢.

ويستعرض الكتاب بعض آيات من القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} ٣.

وقوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْأِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} ٤.

كما يذكر الكتاب هذا الحديث: "أنتم أعلم بشئون ديناكم" ثم يعلق أخيرا بقوله:

"ترى من هذا أنه ليس "القرآن" هو الذي يمنعنا من اعتقاد أن النبي كان يدعو مع رسالته الدينية إلى دولة سياسية، وليست "السنة" هي


١ المصدر السابق: ١٨، ١٩، ٢١.
٢ المصدر السابق: ص٥٥.
٣ الفتح: ٢٨.
٤ الصف: ٧-٩.

<<  <   >  >>