للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في القرآن ما يفيد أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- رسول الله كلف بتبليغ رسالته إلى الناس.. كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} ١. فمهته عليه الصلاة والسلام الآن أن يدعو للهداية والإرشاد، وليس من صميم رسالته أن يحمل على قبول دعوته من يأبى طبعه قبولها، كما يشير إلى ذلك عجز الآية: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} .

لكن في القرآن أيضا مثل قوله: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} ٢، فهنا توضح الآية أن مهمته عليه السلام مزدوجة: الدعوة والعدل.

- والدعوة: كما تكون بالقول تكون بالعمل. ولذلك طلب القرآن منه عليه السلام الاستقامة في السلوك، والسلامة في الاعتقاد، فقال: {وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} .

- وتحقق العدل لا يكون بمجرد الدعوة إليه؛ بل لا بد مع ذلك من القيام على أمره ومباشرة تنفيذه. ولذا يقول القرآن في مواجهة رسول الله: {وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} بين المؤمنين، إذا كان مبلغا فقط وداعيا فحسب إلى الهداية؟

إن "العدل" قيمة من القيم، وقيمة بين طرفين، وليس لطرف واحد أو من طرف واحد كالقيم الفردية ... هو قيمة جماعية. والقيم الجماعية لا تتحقق بالإرشاد بل بالإلزام، وحكم الجماعة وسياستها ليس أمرا خارجا عن قصد العدل وتطبيقه بين أفرادها بالقهر والإلزام.

- فرسالة الإسلام: رسالة تهذيب، وحكم.

- ومحمد رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم: مبلغ الرسالة، وقائم على تنفيذ الرسالة.


١ المائدة: ٦٧.
٢ الشورى: ١٥.

<<  <   >  >>