للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإسلام "دين" بالمعنى الذي يحدده "القرآن" ... لا بالمعنى "المستورد" من الغرب المسيحي الصليبي.

أما حديث: "أنتم أعلم بشئون ديناكم". فهو لا ينحي الرسول من أن يكون قائما على العدل بين المؤمنين، أي: صاحب حكم وتدبير، على نحو ما طلب منه القرآن. إذ هذا الحديث قيل بمناسبة "تأبير النخل" وتلقيحه والنخل والعناية بثمره أمر محلي يخضع لتجربة القوم الذي يحفلون ويعنون به، وليس أمرا يحتاج إلى مبدأ عام تأتي به رسالة السماء، ويكلف الرسول بتبليغه للناس جميعًا.

والقرآن نفسه -بعد العبادات التي حددها، وبعد مبادئ المعاملات العامة التي أوصى بها- ترك للمؤمنين به المجال لإبداء الرأي وتبادله في شئونهم وفي مدى انطباق هذه المبادئ عليها، وعدم قيام المؤمنين بالنزول في هذا المجال أمرا يحسب لهم في الجزاء، كقيامهم بالواجبات والوصايا التي وجههم للعمل بها.

يقول تعالى:

{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} ،

{لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} ،

{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} ،

{وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} ،

{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ} ،

{وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} ،

{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ،

{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} ١.

وهذا النهج من القرآن يساير طبيعة الأمور وسنة الحياة.


الشورى: ٣٦-٣٨.

<<  <   >  >>