للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وإذا كان -صلى الله عليه وسلم- قد لجأ إلى القوة والرهبة، فذلك لا يكون في سبيل الدعوة إلى الدين، وإبلاغ رسالته إلى العالمين، وما يكون لنا أن نفهم إلا أنه كان في سبيل الملك، ولتكوين الحكومة الإسلامية، ولا تقوم حكومة إلا على السيف وبحكم القهر والغلبة، فذلك عندهم هو سر "الجهاد" النبوي ومعناه"١.

- ومرة أخرى ترى المؤلف على الضد من ذلك يذكر:

"لا يريبنك الذي ترى أحيانا في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم، فيبدو لك كأنه عمل حكومي ومظهر للملك والدولة، فإنك إذا تأملت لم تجده كذلك، بل هو لم يكن إلا وسيلة من الوسائل التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلجأ إليها تثبيتا للدين، وتأييدا للدعوة! وليس عجيبا أن يكون الجهاد وسيلة من تلكم الوسائل، هو وسيلة عنيفة وقاسية.. ولكن ما يدريك، فلعل الشر ضروري للخير في بعض الأحيان، وربما وجب التخريب ليتم العمران"٢.

فهنا لم يكن الجهاد لتأييد ملك ولا حكومة، ولا لتثبيت دولة، بل كان: "تثبيتا للدين وتأييدا للدعوة".

وسر هذا التضارب هنا، هو سره فيما سبق.

قبول لرأي غريب عن طبيعة الإسلام، ثم محاولة بعد ذلك لإخضاع الإسلام لهذا الرأي الغريب المتنافر.

خصائص الزعامة النبوية موقوته بوقتها:

وسواء أكانت مظاهر الحكم والسياسة -ومنها الجهاد- من وسائل توسيع الملك وتدعيم شأن الدولة، أو لتثبيت الدين وتأييد الدعوة، فهي في نظر كتاب: "الإسلام وأصول الحكم" موقوتة بوقت الرسول، وقاصرة على شخصه لا تتعداه إلى من يخلفه في الجماعة الإسلامية بعده!! ثم ليس هناك أيضا من داع وسبب بعد وفاته، لأن تكون للمسلمين دولة وحكومة.


١ المصدر السابق ص٥٣.
٢ المصدر السابق ص٧٩.

<<  <   >  >>