للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ القرآن لم يدع إلا إلى وحدة في الدين، دون وحدة في الدولة، لم يدع إلا إلى رباط القلب, دون رباط السلطان، وتكتل الجماعة، وتزايد العلاقات.

"الإسلام دعوة دينية إلى الله تعالى، ومذهب من مذاهب الإصلاح لهذا النوع البشري، وهدايته إلى ما يدنيه من الله جل شأنه، ويفتح له السعادة الأبدية التي أعدها الله لعباده الصالحين، وهو وحدة دينية، أراد الله جل شأنه أن يربط بها البشر أجمعين"١.

وحكمة هذا التوقيت -كما ذكر الكتاب: "أن مقام الرسالة يقتضي لصاحبه سلطانا أوسع مما يكون بين الحاكم والمحكومين، بل أوسع مما يكون بين الأب وأبنائه، قد يتناول الرسول من سياسة الدولة مثل ما يتناول الملوك، ولكن للرسول وحدة وظيفة، لا شريك له فيها.

"من أجل ذلك كان سلطان النبي -صلى الله عليه وسلم، بمقتضى رسالته سلطانا عاما، وأمره في المسلمين مطاعا، وحكمه شاملا، فلا شيء مما تمتد إليه يد الحكم إلا وقد شمله سلطان النبي -صلى الله عليه وسلم، ولا نوع من الرياسة والسلطان إلا وهو داخل تحت ولاية النبي -صلى الله عليه وسلم- على المؤمنين ... ذلك سلطان ترسله السماء من عند الله على من تنزل عليه ملائكة السماء بوحي الله"٢.

كما يذكر المؤلف:

"تلك زعامة كانت لمحمد بن عبد الله بن عبد الملطب الهاشمي القرشي، ليست لشخصه ولا لنسبه؛ ولكن لأنه رسول الله ... فإذا ما لحق عليه السلام بالملأ الأعلى، لم يكن لأحد أن يقوم من بعده ذلك المقام الديني"٣.

وهذه النصوص مع كونها تفيد أن مظاهر الحكم في الإسلام قاصرة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- تفيد أيضا أن مظاهر الحكم والسلطان، ونظم الدولة والسياسة، مصاحبة لكل رسالة دينية، ولكنها فقط وقف على الرسول المرسل: تلغى بعد وفاته ولا يتمتع بها شخص آخر سواه! ١ وما تفيده النصوص على هذا النحو يؤكده نص آخر هنا:


١ المصدر السابق ص٧٧.
٢ المصدر السابق ص٦٦-٦٨.
٣ المصدر السابق ص٨٧.

<<  <   >  >>