للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونمط آخر: "هل رأيت الخوف والذهول في عين الكلب، وهو يتأمل ورقة طائرة في الهواء؟ إنه لا يرى الهواء، وأراهن أنه ينظر إلى الورقة كما ينظر إلى مخلوق حي، ويظن أن بها روحا تحركها ... إنه كلب متدين، وفي الماضي كان الإنسان أحمق "إذ كان متدينا" مثل هذا الكلب"١.

ومثل هذا الحديث تتحدث به هذه النشرات عن المؤسسات الدينية، أو تصف به التنظيم أي تنظيم، إن قام في أساسه على ما يتصل بالدين من نحو: "فتنشئ جمعية الرحمة ... وجمعية لتحفيظ القرآن ... وجمعية لتربية القطط الضالة؟ "٢, ومثل "أنفر من عهد حرية الفكر، وحرية القول، وحرية النقد -مهما يكن ذلك ضئيلا- إلى عهد من قال لأميره: لم؟ فقد حل دمه، وبرئت منه ذمة الله؟! أم نثبت هذا العهد، ونعاونه على النضوج والاستواء؟ "٣؟


١ "الله والإنسان": ص١٠٣, ويلاحظ في هذه النشرة بصفة خاصة نبو الألفاظ وقسوتها، واستخدام الدعاية الشيوعية للألفاظ القاسية الشديدة نقطة مهمة في منهاج إثارة الطبقات ضد بعضها بعضا، وخلق الصراع بينها، أو التعجيل بنتائجه في الوصول إلى جماعة اشتراكية ذات طبقة واحدة. وهي تعتمد على "الاستفزاز" دائما في المناقشة والكتابة، وعلى إثارة روح "العصيان" في المصانع الكبيرة، وعلى "إضرار" العامل في المصنع الصغير أو في المحلات الصغيرة للمهن المختلفة للعميل "الزبون" فلا يقدم له عملا يساوي الأجر، كما تغلب عليه روح عدم الاكتراث.
٢ المصدر السابق: ص٥٢.
٣ "من هنا نبدأ": ص١٣٥, ويلاحظ في حديث المؤلف هنا عن "السلطة الدينية" أنه ينقل عن "فولتير"، وعن كتاب: "الإسلام وأصول الحكم" لعلي عبد الرازق "كما يبدو في صفحات: ١٤٢، ١٦٧، ١٦٨"، وفولتير هو من أشير إليه من كتاب "الإسلام وأصول الحكم" ترديد لعرض المستشرقين للإسلام، كما بدأ في مناقشة هذا الكتاب "الفكر الإسلامي الحديث" له، في فصل من فصوله الماضية تحت عنوان: "الإسلام دين لا دولة" وفي سنة ١٩٥٢ نصح أحد كبار موظفي وزارة التربية والتعليم لممثل "مجلس الثقافة الأمريكي" بواشنطن، أثناء إقامة هذا الممثل بالقاهرة، في زيارة له اختيار بعض الكتب العربية لنقلها إلى اللغة الإنجليزية. ترجمة "من هنا نبدأ" وكتاب: "الإسلام وأصول الحكم" والمشير المصري راعى في مشورته ما يحس به من رغبة لدى ضيفه، وميله إلى الكتب الإسلامية التي تعرض الإسلام في صورة المسيحية، فكتاب "الإسلام وأصول الحكم" أنكر صلة الإسلام بالحكم والحكومة، و"من هنا نبدأ" ردد هذا الإنكار في فصل منه تحت عنوان: الحكومة القومية. فلما نقل هذا الكتاب الثاني إلى الإنجليزية، تبين لمجلس الثقافة الأمريكي ولقراء الإنجليزية أنه صورة من الدعاية الشيوعية!

<<  <   >  >>