للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وعن الأخلاق، والقيم الأخلاقية: تردد الفكرة الماركسية القائمة على "التغير" لكل شيء، على "تبعية كل شيء" للجانب الاقتصادي على وجه أخص في أسلوب مليء بالقسوة والنبو؛ لأن القسوة، والنبو جزء من تكتيك الدعاية الشيوعية لإثارة "حرب الطبقات"، والتعجيل بـ"الانقلاب" في الجماعة وتحويلها إلى دولة شيوعية، وتقرأ الفكرة الماركسية الأخلاقية في الأدب العربي المعاصر، في الأسلوب التالي:

"هل يستطيع الإنسان الذي اختلت غدده، وأجدبت خلاياه، أن يكون ذا سلوك وديع؟.. لقد أثبت العلم بتجاربه التي لا ريب فيها، أن أخلاق الإنسان ليست شيئا بعيدًا عن ذاته، وتركيبه وأجهزته ... وليست شيئا يناله صاحبه بـ"دعوة صالحة" أو "موعظة حسنة"، وليست شيئا يهبط من السماء فيصيب أقواما ويخطئ آخرين١. ما السلوك البشري كله: خيره وشره, صالحه وفاسده، إلا وليد حالتنا الصحية، وحالتنا العقلية، وما هنالك ريب في أن هذا الذي ينطبق على الفرد، ينطبق على الجماعات والمجتمعات: فالمجتمع المتمتع بعافية اقتصادية هو الذي تزدهر فيه الفضائل!. أما المجتمع السغبان المضني فلا وجود فيه للفضيلة"٢.


١ مثل هذه العبارات من أساليب الدعاية الشيوعية، التي تقوم على الاستخفاف بما يتصل بالدين من معان، وفي الوقت نفسه هي مثل للملاءمة بين الدعاية الشيوعية المستوردة من الخارج وبيئة المجتمع الإسلامي.
٢ "من هنا نبدأ" ص٣٠، ٤٠.
وهذا الذي يذكر هنا على أنه منطق، تناقضه تماما حياة المجتمع الأمريكي، فمما لا شك فيه أنه أرفع مستوى بين مجتمعات العالم في الناحية الاقتصادية, وفرق شاسع بينه وبين مستوى الحياة في الاتحاد السوفييتي
على الأخص, ومع ذلك فلا يمثل المستوى الرفيع في الفضائل، لا الفردية ولا الجماعية منها، بل ربما كان يمثل نقصا خلقيا كبيرا, فجرائم السرقات، وجرائم القتل, فضلا عن الانطلاق الحيواني، توجد في المجتمع الأمريكي بصورة لا نظير لها في المجتمعات الأخرى.

<<  <   >  >>