للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جـ- العمل البدني:

وظاهرة ثالثة في نشرات الدعاية الشيوعية في الأدب المعاصر، وهي ظاهرة تمجيد العمل اليدوي وإبراز تفوقه على العمل الفكري، وبالتالي تفضيل الطبقة العاملة على الطبقات الأخرى، وهذه الظاهرة أثر للفكر الماركسي، الذي يرمي إلى تحويل الجماعة إلى دولة ذات طبقة واحدة، هي طبقة العمال، كما أنها مادة للدعاية الشيوعية، لكسب الأتباع في أوسع دائرة ممكنة ... ومن أمثلة ذلك:

"والكدح الخصب المنتج يسعد صاحبه، أكثر من الراحة والتفكير المتراخي المفلس"١.

وتقرأ أيضا: "أنا أعرف أن هذا القفطان يلزمه مقدار معين من القماش, وأنه ينبغي أن يفصل على هذا النحو، ويخاط من هنا، ويترك من هنا، ولكني لست خياطا.. لذلك يمتاز على الخياط بأنه منفذ، بأنه يضم أجزاء الثوب معا، سأضرب لكم "على لسان بان خلدون" ٢ مثلا أقرب إليكم: تسمعون في الجامع خطيبا يقول: إن الرحمة بالبائسين واليتامى من واجبات المؤمنين، وإن هذه الرحمة تقتضي أن يخرج المسلم الزكاة، وأن يمد يد العون للآخرين، وقد يشرح لكم هذا الشيخ شرحا مستفيضا كل شيء عن التكافل والتعاون، ولكن ما إن يترك المنبر حتى لا يصنع شيئا مما يقول! ... إنه رجل ذو معرفة لا جدال، غير أن معرفته قليلة الجدوى. والمطلوب عندي هو المعرفة المقترنة بالتجربة والممارسة"٣. وأيضا: "لقد قرأ المجاورون نسخة من مقدمة عبد الرحمن، وخيل إليهم أن الرجل الكبير يشاركهم التجربة، فهو يتكلم عن الزراعة والصناعة، وعن أن العمل هو الذي يعطي الأشياء قيمتها"٤.


١ "الله والإنسان" ص: ٥٦.
٢ مؤلف: "رجل في القاهرة" يقص ما يقصه في مؤلفه كله على لسان ابن خلدون، محاولا إخضاع ما كتبه هذا "في مقدمته" للتفسير الماركسي، وبالأخص للتفسير المادي للتاريخ.
٣ "رجل في القاهرة": ص٨٢.
٤ المصدر السابق: ص٥٢.

<<  <   >  >>