للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن يستخدم في تروجيها التفسير المادي الاقتصادي للتاريخ: إما بصفة عامة، وإما في صورة تقترب من طبيعة المجتمع الذي تروج فيه، وفيما يلي بعض النماذج لهذا التفسير.

"لقد كان الطغاة يكتسحون الأرض بسكانها، ويحولون الكل إلى عبيد أرقاء، ثم تطور الطغيان "دولة الملوك" فأصبح الغازي يكتفي بأن ينهب الأرض ويترك سكانها أحرارا ليعتصر دماءهم في الضرائب "دولة الإقطاع" ثم تطور أخيرًا إلى شيطان عطوف دائم الابتسام، لا يمس الأرض ولا يمس سكانها، وإنما فقط يستولي على ثروتهم "دولة الرأسمالية".. لقد بدأنا عبيدا للأرض، وانتهينا عبيدا للأجر١.

"والآن ليس هنا إلا طريق واحد، هو أن يتحرر العقل من النظام الصراعي "بين رأس المال والعمال" الذي يعيش فيه، ويحتم عليه الحرب! عليه أن يقضي على الاستعمار أولا، ثم يفرغ لتنظيم اقتصادي جديد، يسلم فيه مفتاح المصنع ومفتاح الدكان للدولة، ويقضي على الحرب الصامتة بين صاحب المصنع والعامل، ويحول المجتمع إلى أسرة واحدة "إلى مجتمع ذي طبقة واحدة، هي طبقة العمال" والحكومة إلى أب، والعالم إلى دول متآخية, وبهذا يصبح سوق الشرف هو العمل والإنتاج، لا الكسب والاستغلال ويتحول الإنسان مرة أخرى إلى جده البدائي المسالم الذي كان يحارب الطبيعة القاسية"٢.

وذلك الجد البدائي إنسان الغابة.. الإنسان الحيوان الذي لا يعرف الملك والقيم!!

هذا نموذج من التفسير المادي لتاريخ الاقتصاد، وقد يستخدم التفسير المادي لتاريخ الكائنات، للتدليل أيضا على الانتقال والتغير، الذي يعم كل شيء حتى الجماعة، وحتى الاقتصاد ... كما في النموذج التالي:

"إن التاريخ في رأي هو ذكر الأخبار الخاصة بعصر أو بجيل. أتدرون "الخطاب على لسان ابن خلدون موجه إلى طلابه المجاورين الخمسة


١ "الله والإنسان": ص٧.
٢ المصدر السابق: ص٩٢.

<<  <   >  >>