ولم يعرف لمبدأ من مبادئ الإسلام أن له هذا التحديد "الرياضي" في الدقة التي لا تقبل الاحتمال بحال، مثل ما عرف لمبدأ الميراث فقد جاء في سورة واحدة هي سورة النساء، وجاء في جملة من الآيات هي ثلاث١، وجاء في صيغة تحديد الحساب "علم العدد"، هذا التحديد في السورة، وفي الكمية والعدد، وفي الصيغة يؤذن بأهمية مبدأ الميراث وبأثره في المجتمع الإنساني.
وكما أن الميراث عامل في "التقليل" بسب توزيع الأنصبة، فهو قد يكون عاملا في "التكثير" والزيادة بسب ضم نصيب جديد إلى نصيب قائم فعلا، ولكن بحيث تعود هذه الزيادة من جديد عن طريقه نفسه "أي: الميراث" أيضا إلى "التقليل".
فإذا وصل الحال في "التقليل" إلى درجة دنيا لا ينتفع فيها بالمال الموزع يتدخل مبدأ آخر جاء به الإسلام وهو: مبدأ "التخارج" أو "الاستبدال".
وأما موقف الإسلام من "القيم" في حياة الإنسان فآخر "قيمة" في نظره، هي "شهوة البطن" وشهوة الفرج ... إن كانت شهوة البطن والفرج تعتبر قيمة.
الإسلام يؤكد إنسانية الإنسان، ويرتفع بها فوق حيوانيته ...
ويؤكد بالتالي القيمة العليا في الوجود كله، وهي "خالق" هذه الإنسانية؟ الإسلام لا يرى أن الإنسان تخلقه الأرض، أو يخلقه المجتمع، وإنما خالقه هو خالق الأرض والمجتمع، وهو الله ... والإسلام بهذا يقابل الماركسية تماما.
والتحول المقبل للماركسية، في جانب القيم -تطبيقا لمبدأ النقيض"- سيكون إلا الإسلام، دين الإنسان الفرد ودين المجتمع، ودين القيم.
إن الانحراف عن "التوازن" في الجماعة ذات الإيمان بالله، أو صاحبة الفلسفة المثالية، لا يرجع إلى ضعف ذاتي في قيمة الدين كدين، أو في قيمة
١ آيات: ١١، ١٢، ١٧٦ من سورة النساء، وهذه ملاحظة يشكر عليها فضيلة أستاذنا الأكبر المرحوم الشيخ محمود شلتوت.