التفكير المثالي ... وإنما يرجع إلى ضعف في قوة الإنسان التي تصاحبه، سواء أكانت قوة السلطة التنفيذية، أو تلك القوة التي تتمرس على فهمه وعرضه، كما أن بقاء النظام الشيوعي حتى اليوم -مدة لا تبلغ نصف القرن- وهي مدة قصيرة في تاريخ أية جماعة إنسانية، لا يعود إلى القيمة الذاتية لـ"السلب" و"التسخير" فيه، أي: سلب ملكية الأفراد جميعا وتسخير الأفراد جميعا وجعلهم أجزاء من أجل لقمة العيش ... وإنما يعود بقاء هذا النظام حتى هذه اللحظة إلى القوة الحارسة التي تصون هذا النظام وتسنده، وإلى اليقظة، الممثلة في نظام المخابرات والجهاز السري الدقيق، ذلك الجهاز الذي تعددت درجاته، وتنوع إلى أنواع مختلفة.
أما تقدم الصناعة "الثقيلة" والبحث العلمي في "الذرة" في روسيا السوفييتية بعد الحرب العالمية الثانية -فجأة وفي غير انتظار- فيرجع إلى "استغلال" العقلية الألمانية العلمية، التي وقعت في الأسر بعد هزيمة الألمان" والتي تمت من قبل في ظل نظام البحث الألماني, وهو نظام يقوم على الحرية, وعلى احترام الإنسان، وتقدير الفرد، هو نظام "المثالية" الألمانية، وعقلية "الواجب" في السلوك العملي للألمان, ولا يرجع هذا التقدم بحال في بادئ الأمر إلى وجود "العقلية الخالقة" وتطور هذه العقلية بين أتباع النظام الشيوعي!! إذ هو نظام يدفع إلى كمية الإنتاج دون كيفيته، ونظام يمجد العمل بالساعد على العمل عن طريق الفكر، على أن التقدم العلمي المادي يتوقف قبل كل شيء على "المعمل" وأجهزته، ولا يدل بحال على أن العقلية التي ترصد حركات "الاختبار" في المعمل قد بلغت مستوى الإنسانية في خصائصها، في حبها للسلم والخير، وأنه قد توفرت لها الحرية الفردية في الرأي والقول والاعتقاد، وتوفرت لها الكرامة في النفس، والملك، والعرض، والبشرية، بحيث لا تنتهك حرمتها.
والآن نرى أن التجديد في الفكر الإسلامي في الوقت الحاضر، يعيش في التفكير الغربي الذي خلقه القرن التاسع عشر، وينقل منه ما لا يفيد التوجيه في الشرق الإسلامي.
- ينقل منه آراء المستشرقين الصليبيين فيما يصور الإسلام على أنه رسالة بشرية لمصلح إنساني، أو قائد ناجح، يرتبط اعتبارها بوقت حياة هذا المصلح.
- أو ينقل منه آراء بعض المدارس اليسارية والإلحادية ضد الدين عامة.