للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الخطر يكمن فيما ينطوي عليه هذا الفكر الجديد من إلحاد ومن السهل أن ينخدع به كثيرون، كما انخدع بالفعل به بعض الدعاة له في الهند، والأحوط إذن -هكذا يرى إقبال- أن نعيد النظر في تفكيرنا الإسلامي من جانب، ونمحص هذا الفكر الجديد بروح مستقلة يقظة من جانب آخر.

"ومنذ العصور الوسطى، وعندما كانت مدارس المتكلمين في الإسلام قد اكتملت، حدث تقدم لا حد له في مجال الفكر، وكان من نتائج امتداد سلطان الإنسان على الطبيعة، أن بعث فيه ذلك إيمانا وإحساسا جديدين بتفوقه على القوى التي تتألف منها بيئته، فظهرت وجهات نظر جديدة، وحررت مرة ثانية المشكلات القديمة في ضوء التجربة الحديثة، وظهرت مشكلات من نوع جديد، ويبدو أن عقل الإنسان أخذ يشب عن طوق ما يحيط به من زمان ومكان، وعليه -وهي أخص المقولات الجوهرية- إن تصورنا التعقل نفسه بسبيل التغيير، نتيجة لتقدم التفكير العلمي، فنظرية "أينشتين" جاءتنا بنظةر جديدة إلى الكون، وقد فتحت أفاقا جديدة من النظر إلى المشكلات المشتركة بين الدين والفلسفة.

"فلا عجب إذن، أن نجد شباب المسلمين في آسيا وفي إفريقيا يتطلبون توجيها جديدا بعقيدتهم، ولهذا لا بد من أن يصاحب يقظة الإسلام تمحيص بروح مستقلة لنتائج الفكرالأوروبي، وكشف عن المدى الذي تستطيع به النتائج التي وصلت إليها أوروبا، أن تعيننا في إعادة النظر في التفكير الديني في الإسلام، وعلى بنائه من جديد إذا لزم الأمر، وأضف إلى هذا أنه لا سبيل إلى تجاهل الدعوة القائمة في أواسط آسيا -ضد الدين على وجه عام وضد الإسلام على وجه خاص- تلك الدعوة التي عبرت حدود الهند بالفعل، وبعض دعاة هذه الدعوة من أبناء المسلمين, وأحدهم هو الشاعر التركي توفيق فكرت، وإني لأعتزم في هذه المحاضرات أن أناقش مناقشة فلسفية بعض الأفكار الأساسية في الإسلام، على أمل أن يتيح لنا ذلك على أقل تقدير, فهم معنى الإسلام فهما صحيحا بوصفه رسالة للإنسانية كافة"١.


١ المصدر السابق: ١٤، ١٥: والأستاذ السيد أبو النصر الحسيني يؤرخ في هامش المصدر لهذا الشاعر: بأنه كان إلحادي النزعة، وأنه يعد ركنا من أركان الانقلاب التركي اللاديني الأخير، وقد توفي سنة ١٩١٢، ولد سنة ١٨٦٧"، وتنصر ابنه في جلاسجو.

<<  <   >  >>