للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التسامح، وكل همها استغلال الفقير لصالح الغني، وصدقوني إن أوروبا هي أكبر عائق في سبيل الرقي الأخلاقي للإنسان.

"أما المسلم فإن له هذه الآراء النهائية القائمة على أساس من "تنزيل" يتحدث إلى الناس من أعماق الحياة والوجود، وما تعني به هذه الآراء من أمور خارجية في الظاهر يترك أثره في أعماق النفوس، والأساس الروحي للحياة عند المسلم هو إيمان يستطيع أقلنا استنارة أن يسترخص الحياة في سبيله، وبما أن القاعدة الأساسية في الإسلام تقول: إن محمدا خاتم الأنبياء والمرسلين، فإنه ينبغي أن تكون من أكثر شعوب الأرض في الحرية الروحانية، والمسلمون الأول الذين تخلصوا من الرق الروحي في آسيا الجاهلية، لم يكونوا في وضع بحيث يستطيعون إدراك المعنى الصادق لهذا المبدأ الأساسي، فعلى المسلم اليوم أن يقدر وضعه، وأن يعيد بناء حياته الاجتماعية على ضوء المبادئ القاطعة "في الإسلام كمبدأ التوحيد، وختم الرسالة ... " وأن يستنبط من أهداف الإسلام، التي لم تتكشف إلى الآن إلا تكشفا جزئيا، تلك الديمقراطية الروحية التي هي الغاية الأخيرة للإسلام، ومقصده"١.

وفي وصية "إقبال" لمسلم اليوم: "فعلى المسلم اليوم أن يقدر موقفه ... " في آخر هذا النص تكمن فكرته الإصلاحية. فليست فكرته الإصلاحية شيئا أكثر من محاولة لإعادة بناء الحياة الاجتماعية الإسلامية على مبادئ الإسلام نفسه, ما كان معروفا منها بالضرورة, وما يصح أن يتفقه فيه. كما تكمن الغاية من هذه الفكرة الإصلاحية, وهي تلك الديمقراطية الروحية التي تقوم على الاعتداد بذات الفرد، وسيطرته على الطبيعة والواقع، وإدراكه لحقيقة أصل وجوده، وهو الله جل شأنه.

إصلاح الفكر الديني:

كان "إقبال" دقيقا عندما عبر عن حركته الفكرية بـ"إعادة بناء الفكر الديني" في الإسلام، دون التعبير بـ"الإصلاح الديني" لأن أية محاولة إنسانية تدور في محيط الإسلام، لا تتعلق بتعديل مبادئه، طالما أن


١ المصدرالسابق: ص٢٠٧, ٢٠٨، "مع الرجوع إلى النص باللغة الإنجليزية وتصحيح الترجمة".

<<  <   >  >>