للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الذات الكلية فتتجلى فيها عداها، وما عداها ليس غيرها ولا منفصلا عنها، وإنما هو مظهرها.

وأما الذات الفردية، فلا تلغي نفسها فيما عداها من الذات الكلية ولا تنتهي حركتها في هذا العالم الطبيعي.

وأما هذا العالم الطبيعي: فهو دائم التجدد، وهو ليس مادة جامدة وإنما هو تركيب من أحداث متتالية مستمرة في تتابعها، ومعنى هذا كله أنه ليس هناك شيء ثابت في الوجود: هناك حركة، وتجدد واستمرار.

وإذا كان الإنسان كذات فردية، مع العالم الطبيعي كتركيب من أحداث متعاقبة -هما مظهرا التجلي للذات الكلية- فالصلة بين الذات الفردية والعالم الطبيعي، هي الصلة بين شيئين متناسقين: عالم ينتقل من حادث إلى حادث، ومن حال إلى حال ... عالم متغير ومتطور، وفيه إنسان يتابع بحركته وبسيره تغير العالم وتطوره.

مبدآن أو ظاهرتان:

- تغير العالم ...

- وحركة الإنسان ...

هاتان هما الخصيصتان اللتان يستدل منهما على تجلي الذات الكلية في عالم الطبيعة أو في العالم الواقعي.. وهما الأمارتان على استمرار الخلق لهذه الذات الكلية.

هذا ما وصل إليه "إقبال" في نظرته إلى الوجود ... وهو في نظرته إليه لا يدعي أنه حر فيها.. وإنما ذكر أنه يستوحيها من الإسلام، ولذا هو يريد الآن أن يوضح من الإسلام هذين المبدأين: مبدأ تغير العالم، ومبدأ حركة الإنسان ومتابعته لهذا التغير في العالم.

وبذلك يكون الإسلام مصدر "معرفة" وتوجيه" معا ... يضع أمام الإنسان خطوط الوجود أو خطوط الحياة، ويقدم له في الوقت نفسه المنهج الذي يلتئم مع هذه الخطوط.

<<  <   >  >>