للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما في حياة الإنسان من "دين" و"علم" وما للإنسان من "حواس" و"إدراك" وما لجماعته من "تاريخ" ... هو مجموعة متناسقة من طرق المعرفة تنتهي إلى غاية واحدة هي سعادة الإنسان.

مبدأ التغير في العالم الطبيعي:

وتغير العالم في نظر "إقبال" هو وسيلة زيادته ونموه: إذ العالم حقيقة لم تقع كلها، بل في سبيل وقوعها ...

"والرأي عندي، أنه ليس أكثر بعدا عن نظرة القرآن من القول بأن العالم تنفيذ في سياق الزمان لخطة سبق وضعها ... فالعالم في نظر القرآن -كما بينت من قبل- قابل للزيادة ... هو عالم ينمو، وليس صنعا مكتملا خرج من يد صانعه منذ حقب بعيدة، وهو الآن ممتد في الفضاء أشبه ما يكون بكتلة ميتة من المادة لا يفعل فيها الزمان شيئا، من أجل ذلك ليست شيئا"١.

وهذا التغير نفسه، يحملنا على أن نلائم بين أنفسنا وبين مقتضيات هذا التغير، ويثير فينا قوة الدفع للتغلب على ما يجد من ظروف جديدة.

"ويرى القرآن أن العالم له غايات جدية: فتطوراته المتغيرة تحمل حياتنا على التشكل بصور جديدة، والجهد العقلي الذي نبذله للتغلب على ما يقيمه العالم من عقبات في سبيلنا، يشحذ بصيرتنا، فيهيؤنا للتعمق فيما دق من نواحي التجربة الإنسانية الأخرى فضلا عن أن يمد في آفاق الحياة ويزيدها خصبا وغنى"٢.

ويستند "إقبال" في الحكم على تغير العالم الطبيعي من وجهة نظر الإسلام إلى مثل هذه الآيات القرآنية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا، ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} ٣، {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} ٤.


١ المصدر السابق: ص٦٦.
٢ المصدر السابق: ص٢١، ٢٢.
٣ الفرقان: ٤٥، ٤٦.
٤ الغاشية: ١٧-٢٠.

<<  <   >  >>