أما التبشير فقد سلك طريق التعليم المدرسي في دور الحضانة ورياض الأطفال والمراحل الابتدائية والثانوية للذكور والإناث على السواء، كما سلك سبيل العمل "الخيري" الظاهري في المستشفيات، ودور الضيافة والملاجئ للكبار، ودور اليتامى واللقطاء، ولم يقصر التبشير في استخدام "النشر والطباعة" وعمل "الصحافة" في الوصول إلى غايته.
إن البلاد العربية والإسلامية في يقظتها الحالية تتعثر في خطاها نحو التماسك الداخلي، ونحو تقوية العلاقات بينها، بسبب الرواسب التي تخلفت عن التبشير والاستشراق، وبسبب آخر له وزنه في هذا التعثر وهو ضعف المواجهة التي يلقاها في البلاد الإسلامية هذان العاملان القويان في تركيز الاستعمار، وبعثرة القوى الوطنية في كل بلد عربي وإسلامي.
والمؤسسات الإسلامية -على تعددها وتنوعها- لم تعرف تماما حتى الآن "وضعية" التبشير والاستشراق في توجيه الشعوب العربية والإسلامية، حتى تحاول أن تلقاها، فضلا عن أن يكون لقاؤها إياها قويا أو ضعيفا.
١- فالأزهر وهو أكبر المؤسسات الإسلامية في الشرق العربي والإسلامي, لم يخرج برسالته كثيرا حتى الآن عن أن يكون ترديدا لتفكير القرون الوسطى في مواجهة بعضهم بعضا كأحزاب وأصحاب مذاهب فقهية وكلامية أو شعوبية "سنة وشيعة" أو ترديدا لتفكير المتأخرين الذين سلبوا الإنسان أخص مقوماته في الدنيا وهي ميزة الحياة. ولكن الأمل كبير الآن في إصلاح الأزهر.
٢- وجمعية الشبان المسلمين بالقاهرة، هي تقليد لجمعيات الشباب المعروفة من قبل عند غيرنا في جانب، وابتعاد عنها في أهم جانب من جوانب رسالتها، تقلدها في ممارسة الرياضة، ولكنها لا تقلدها في جعل الرياضة وسيلة من وسائل التربية والإيمان، كما تفعل جمعيات الشباب الأخرى. أما ما يلقى فيها من محاضرات، أو يعقد فيها من ندوات، فينقص هذه وتلك عنصر الجدية وحرارة الإيمان ...
٣- وجمعية التعريف بالدولي بالإسلام "التي تعقد اجتماعاتها بدار جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة" هي جمعية طابعها شخصي، أكثر من أن يكون حملا لرسالة وبعثا لها، أو نشرا لمبادئها في بلاد العالم، كما هو المفهوم من اسمها وصفاتها.