الرضاء بحكمه، بعد ضياع الشخصية الإسلامية، وصهر مجموعة الشعوب الإسلامية فيما يسمى "بالعالمية" أو الإنسانية الدولية.
هذا بعض ما كان من شأن إضعاف القيم الإسلامية والتيئيس من التضامن والتكتل الإسلامي، كمظهر من مظهري النزعة الأولى في الفكر الإسلامي في صلته بالاستعمار الغربي، وهي نزعة تمكن للاستعمار الغربي في البلاد الإسلامية.
أما المظهر الآخر لهذه النزعة، وهو مظهر تمجيد القيم الغربية المسيحية في الفكر الإسلامي الحديث نتيجة لصلته بالاستعمار الغربي. فالسبيل إلى الوقوف عليه ما تراه من إبراز التفوق الغربي في الصناعة، وزيادة الدخل الخاص والعام الناشئ عن هذا التفوق ... تلك الزيادة التي ترتب عليها رفع مستوى المعيشة وتيسير أمر الحياة الإنسانية لدى الغربيين.
هذا التقدم الصناعي هو المنفذ، أو النقطة التي يبتدئ منها الغربيون في التدلل على رجاحة التوجيه الغربي، وعلى سمو مقاييس الحياة الغربية في السلوك الفردي والعادات الاجتماعية، وعلى أصالة القيم المسيحية، وقوة صلتها بتحرير الإنسان من الجهل والفقر والمرض، وقوة صلتها كذلك بانطلاق الإنسان في الحياة من غير خوف أو وجل!
والحضارة المادية الصناعية ... هي إذن عنوان هذه القيم!!
ومنطق ذلك: أن تخلف المسلمين في مجال هذه الحضارة دليل على تخلف الإسلام في قيمه ومبادئه، وعلى إذلاله الإنسان، وتقييده في السير في هذه الحياة، طبقا لعقيدة الجبر فيه!
ما هي القيم المسيحية ذات الأثر الإيجابي في هذه الحضارة الصناعية؟ أين هذه المبادئ والقيم المسيحية في عرف كثير من هؤلاء العلماء الدارسين للثقافة الإسلامية؟
ليست إلا "شخص عيسى" يستوحي منه السلوك الخلقي في هذه الحياة.