للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث كان الموضوع يستسلم لأهواء "الآراء الثابتة المقررة" عن الإسلام مما لا يزال قائما في عقول الباحثين الغربيين١.

ولربما كان من غير المألوف في مثل هذه الدراسة أن نعنى بالمستشرقين الأحياء أكثر من عنايتنا بمن أصبحوا في ذمة التاريخ، ولكن إذا كان العرف الجاري يتقبل تقديم عرض لكتاب ما يزال مؤلفه على قيد الحياة بمجرد ظهور الكتاب. والنقل عنه في معرض التأييد أو التفنيد، فإنه يغدو من البحث المشروع بالتأكيد أن تناقش جهود أي مؤلف من مجموعها أو أجزائها، مدى نجاحها إذا ما تناولت موضوعات لها أهميتها الحيوية، والأحياء لا الموتى هم القادرون على أن يرونا في أنفسهم انعكاس النتائج التي تمخضت عن نشر آرائهم وهذا هو أحد مقاصد هذه الدراسة، أن تذكر بعض الباحثين بالصدمة التي تحدثها آراؤهم لعقل المسلم في هذا العصر العلمي.

ولا بد من إرجاء تحذير ... أن التحليل التالي -وهو ثمرة لدراسة وتأمل استغرقا وقتا وجهدا، لا يحمل أي روح للجدل، ويخطئ من يظنه اعتذارا أملاه الحماس لعقيدة دينية أو قومية، وإنما هو عرض لجهد مخلص في سبيل تحقيق تفاهم أفضل لمسألة قديمة، وكاتب هذه السطور يعتقد أن ألوان التحامل القديم قد تكون تضاءلت كثيرا منذ فجر هذا القرن لكنها ما زالت تعيش قوية، وما زالت فئة من الباحثين في العربية والإسلام تعمل على نشرها في الغرب على نطاق واسع، ثم إن الكاتب يخشى أن يعزز التحامل "القومي" مؤخرا من شأن التحامل "الديني" فهناك من الشواهد ما يدل على أن الرصيد المختزن من مشاعر العداوة للإسلام يمتد الآن إلى العرب أو على وجه أخص القومية العربية، ولا نريد أن ندخل في تفاصيل لا طائل تحتها، ولكن هذا الشعور قد يتفاقم على طريقة العصور الوسطى إلى حد يلحق الوبال بالدراسات الشرقية والعلاقات الإنسانية جميعا، ومن أجل الحرص الصادق على كليهما معا كانت هذه المناقشة.


١ راجع مثلا ما سيذكر بعد تحت رقم ٣.

<<  <   >  >>