للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-٢-

إن بعض المستشرقين الناطقين بالإنجليزية -ونحن لا نقصد منذ الآن بهذا الاصطلاح المرتبط بالجنس والسلالة مستشرقي بريطانيا وحدها. وإنما نقصد مستشرقي أمريكا الشمالية أيضا- قد عرض لدراسة الإسلام خلال دراسات للكتاب المقدس أو اللاهوت، بل الواقع أن من هؤلاء من ينتظم في هيئات دينية holyarders والبعض الآخر من هؤلاء المستشرقين وجد نفسه في نطاق هذه الدراسة مصادفة، نتيجة للإقامة أو خدمة التبشير أو الخدمة العسكرية في بلد إسلامي، ولكن هناك من اختار دراسة الإسلام قصدا كوجهة له في حياته العلمية- وربما كان هذا يصدق بصفة خاصة بالنسبة للجيل الأحدث نشوءًا. وإذا كان لنا أن نصف في كلمة ما لاقوه من دربة في هذا المجال. فمن الصواب أن نقول إن معظمهم قد تلقى مرانا في اللغة أو الأدب, بصرف النظر عن الأساس العقيدي في بعض الحالات. ولكن قليلا منهم من درب على معالجة التاريخ، وربما خاض واحد أو اثنان أخيرا نوعا من مخاطرات التجربة في محاولات علم الاجتماع وعلم النفس.

وقد يكون هذا إحدى العقبات الخطيرة، فكثير من دراسات المستشرقين الناطقين بالإنجليزية قد تتميز بالتألق، ولكن حين يغوص المرء تحت المظاهر السطحية من الحواشي المتعالمة والمراجع المنسقة، يجد المرء نفسه مضطرا لأن يواجه نذير الخطر في إلقاء القول على عواهنه والتخمين وإصدار الأحكام التي لا يشهد له إلا القليل من الشواهد. أو لا يشهد لها شاهد قوي على الإطلاق, إن المهارة في ذلك رموز النصوص العربية "أو الفارسية أو التركية" شيء له اعتباره بالطبع، ولكن المقدرة على إقامة المادة المختارة في بناء جامع، ومن ثم في عمل تاريخي بالمعنى الفني المقبول شيء آخر تماما. والتاريخ بوجه عام يتعرض لهجمات الغرباء أكثر من غيره، وغالبا ما يتناقل الناس أن كل من أمكنه استعمال القلم يستطيع أن يكتب التاريخ. وفي مجال الدراسات الإسلامية تكون المادة اللغوية أو الأدبية أو التاريخية من التشابك لدرجة تلزم الباحثين أن يتوفروا على بذل الكثير من المحاولات، وفي خلال هذه المحاولات يجدون أنفسهم يكتبون التاريخ من حيث لا يدرون في غالب الأمر، وهم لم يؤهلوا لهذا العمل إلا قليلا، ومن ثم يسهل علينا أن نعرف لماذا عولج موضوع "الإسلام" بأقلام قليل من المؤرخين المستشرقين على صورة أفضل كثيرا من معالجته بأقلام غالبية المستشرقين من اللغويين.

<<  <   >  >>