للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدخله المستشرقون من مسائل جدلية لا سبيل لحلها، وإذا ما استنقذنا أنفسنا من هذه الورطة، فإن الفروض المقارنة المعروضة إذا ما أخذت مأخذ الجد فإنها توقعنا في شرك جديد!

أن هذه الفروض تذهب في إيجاز إلى أن دور محمد في الإسلام، ودور القديس بولس في المسيحية "أكثر قابلية للمقارنة" وأن القرآن يمكن مقارنته بشيخ المسيح, في حين يقارن حديث النبي بالكتاب المقدس! وقد توالى عرض المزيد من المقابلات١، ولا يعنينا هنا الصورة التي يمكن أن تستقبل بها مثل هذه "الهرطقات" في الدائرة المسيحية اللاهوتية، وإنما يهمنا الغرض الذي أعلنه الكاتب في عبارته وهو "الاتصال Communication أو "التواصل" intercomnunrcation بين المستنيرين من المسلمين والمسيحيين، ترى هل تكون هذه المماثلات Onalogies مؤدية إلى الهدف؟ إن الأمناء الصادقين غالبا ما ينسون كأفراد ما تتضمنه أفكارهم حين يواجهون عقائد الآخرين ومشاعرهم وتحاملهم، ومن الصعب في حالتنا هذه أن نتصور أن مؤلف هذه المماثلات يتوقع لها أن تجد ترحيبا لدى علماء المسلمين، ولنستبعد سوء الفهم بالنسبة لمقصد هذه الكلمات، وإن المماثلات ليست وحدها مثار التساؤل بالدرجة الأولى، وإنما يثير التساؤل قبل كل شيء هذه الرواية المصطنعة التي يعرض تحتها هذا كله، هذه الدعوى العريضة عما لهذا المسلك من معان جليلة وآثار تنوير المسلمين.

والحقائق الثابتة عن رد الفعل بين المسلمين لا يبدو أنها تعني الكاتب أو تدعوه إلى الروية! وهو نفسه يقر بأنه عرض إحدى مماثلاته على مسلم متحرر يحمل درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن، فصدم بها كثيرا، ولم يتردد في رفضها، ولكن هذا لم يقنع المؤلف، ولسنا في حاجة للذهاب إلى الأزهر لنكتشف معارضة أقوى، إن الكاتب نفسه قد رجع إلى ثلاثة ممن يسمون "بالمغتربين" Mestermized من المسلمين كل على انفراد، وكانت الإجابة واحدة على اختلاف في درجة التعبير بين الحدة والرقة، فقد وصفت هذه المحاولات بأنها "سطحية" و"تافهة" و"كفر صراح"!. ترى مع من يكون إذن "الإتصال" و"التواصل" وإلى من يكون "التنوير"؟!


١ The World of Islam, Studies in Honour of Philip K. Hithi London ١٩٦٠ ٤٧: ٥٩.

<<  <   >  >>