للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهناك مجال للصنعة البشرية أيضا. ومن هنا يكون القانون معرضا للمراجعة والتنقيح من الإسلام إلى أيامنا هذه١.

ولنضع موضع التقدير -على سبيل المقابلة- مسلك باحث له جهده المتميز في دراسة الشريعة الإسلامية، إنه لا يدفع النتائج إلى ثنايا بحثه في تحامل تمليه عداوة متأصلة كامنة! ٢ وعلى الرغم من أن بعض أهل العلم من المسلمين يجدون تحليله متشككا، وقد يناقشون مؤلفه تفصيلا، إلا أن دراسته الرئيسية على الرغم من ظاهرها ليست مما يصدم تماما مع أصول الإسلام، فسواء أكانت الشريعة الإسلامية طبقا لنظرة الدين مستمدة بالدرجة الأولى من القرآن والسنة، أم كانت ثمرة تمحيص فقهاء القانون القائم المألوف existing customary law وأصحاب الخبرة الإدارية كما يقرر البحث المشار إليه, فإن النتيجة في الحالين واحدة. وبالنسبة للجماعة الإسلامية في عهدها المبكر كان هذا النتاج نظاما قانونيا، يتفق مع القرآن والسنة والتجارب المعتمدة. ويلزم مثل هذا الحياد العلمي في دراسة التجربة القانونية المعاصرة، فلا يختلط باعتساف الأحكام الخلقية أو الدعاية، والتشريع الحديث في صورته المنسقة التي انتهى إليها، ينبغي أن يوزن بموازين الإسلام، وطبقا لهذه الموازين لا بد للتشريع الحديث كي يكون ناجحا أن يكون مزاجه التركيبي الخاص synthesis كما كان للتشريع في عصوره الأولى, ولن يعني هنا تشكيلا أليا جديدا لنصوص التراث القديم, ولا تركيبا مدنيا يستتر وراء واجهة إسلامية, إن ما يلزم في هذا الصدد هو "تقويم للحياة الاجتماعية العصرية، والفكر القانوني المعاصر من زاوية إسلامية"٣.


١ انظر مثلا الملاحظات التمهيدية فيما بعد تحت رقم٤.
٢ I. Schacht; the Origins of Mohammaden Jurisprudence Oxford, ١٩٥٠.
٣ J. Sckacht. Problem of Modern Islamic Legislation in Studia Islamica, XLL, ١٢٩.

<<  <   >  >>