للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقحموا إصلاحهم، وما هو بالضبط الذي يريدون أن يقحموه، ولأي غرض من الأغراض؟!

نحن لا نريد أن نروع إلى تفصيلات فرعية، ولكن ينبغي أن يتضح لكل ذي علم صحيح بالإسلام أن الإصلاح بمعناه المفهوم لا يمكن أن يتسرب إلى مذاهب الاعتقاد دون أن ينقص من سلامتها أو يقضي عليها تماما، ومن هنا لا يبدو محتملا أن يقبل مفكر مسلم أن يساند مثل هذه المشروعات, ولو فعل لما وجد مرجعا دينيا مسئولا يتسامح معه فيما ذهب إليه. ومن يؤيد من علماء المسلمين مثلا صورة جديدة في عرض الإسلام تذهب إلى تطعيم كيان العقيدة الإسلامية بالاعتقاد المسيحي في الخطيئة الأصلية original sin أو التجسيد incarnation!

وللتمثيل على الاضطراب والتخطيط في هذا "الإصلاح" يكفي أن نتبصر حقيقة الازدواج المتناقض في منزع دعاة هذا الإصلاح من غير المسلمين؛ فهم بينما ينعنون على الإسلام الجمود حتى إنه لا يقبل من التغيير في نظامه إلا قليلا، إذا بهم حين تستحدث تغييرات بعيدة المدى لا يتركون فرصة إلا ويبرزون أن مثل هذه التغييرات فيها تقويض للشريعة، والجماعة الإسلامية تستطيع الحكم في مثل هذا الأمر بصورة أفضل قطعا، مستهدية بمبدأين في هذا السبيل: أن يكون التغيير متفقا مع المصلحة بالنسبة للجماعة, ومع مبادئ العدالة. حقيقة تثور اعتراضات على مثل

هذا التغيير حتى في زمننا، والاختبار الضروري لسلامة التغيير الحادث قديما وحديثا، هو رضاء الرأي العام في الجماعة وموافقة العلماء في الإقليم الذي يجري فيه التغيير، وهناك شواهد طبية أن هذه السلطات ما زالت الآن كما كانت من قبل تبدي مرونتها وسماحتها للتوافق مع الأحكام المستحدثة.

وأول مستشرق ناطق بالإنجليزية ينتج ثمارا فكرية للإسلام في العصر الحديث, وما فتئت أفكاره تعمل على تزويد من يأتون بعده بالأصول التي تحتاج إلى التوسع، يوجه عنايته كي يتوقى أن يقحم نفسه متطفلا على جماعة المسلمين أو يجعل نفسه وصيا عليهم حاميا لهم، فكل ما يفعله المسلمون، أو ما سوف يفعلون في نهجهم العقيدي أو الشرعي يرده المستشرق الرشيد إلى أهله من العلماء١، أما الباحثون الذين لا تكون


١ J. N. D. Anderson. Insamic Laws in the Modern World New York, ١٩٥٩, ٩٨.

<<  <   >  >>