كانت الكتابات المنشورة التي تضمنتها قد درست من المستشرقين والباحثين المسلمين والعرب في أوروبا وأمريكا والعالم العربي، والمثال المناسب للمقام هنا هو رأي باحث يجمع بين التعليم الديني الإسلامي والتعليم في جامعة غربية أن يقول:"لقد عرفت بعض المستشرقين الذي يتعاملون مع الدارسين المسلمين في استعلاء وتعاظم، وكان هؤلاء المستشرقين إذا ما تساءلوا عن مسألة إسلامية، فكأنما يعلنون ضمنا أنهم يعلمون كل شيء عنها سلفا، في حين أنهم ياخذون بوجهة نظر أخرى مع قليل من التبصر الحقيقي والنفاذ إلى الأعماق".
وفي صدد موضوع "الإصلاح" نبدي ملاحظة بنغمة أو بأخرى. وينبغي ألا يفترض على أية حال أن مثل هذا الحنق الذي انعكس على السطور السابقة إنما تسبب عن مصادمات اجتماعية أو أكاديمية سطحية، وربما يخاطر المرء بالقول بأنها لا تنجم ابتداء من بواعث دينية مباشرة, ولكن التاريخ المشئوم للدراسات الإسلامية التي خرجت إلى الوجود من سلالة الجدل والتبشير. وميراث الصراع العسكري الطويل بين عالم المسيحية والإسلام، لا يزال كلاهما يعلب دوره بصورة شعورية أو لا شعورية في تحديد اتجاهات المسلمين، هناك شعور أحدث تاريخا وأكثر مرارة أن أفكار "الإصلاح" جاءت مع النفوذ السياسي المسيحي على أجزاء كثيرة من أرض الإسلام, أو نتيجة لهذا النفوذ١. ولقد كان اللقاء المبكر بين الإسلام والفكر الإغريقي شيئا مختلفا. فقد كان الإسلام يحكم في مقام رفيع وكان هو السيد صاحب الرأي والتمييز، يقبل أو يرفض ما يشاء من العناصر الأجنبية، أما في الزمن الحديث فإن الإسلام لما يقبله أو يرفضه يمليه أو يدفع أو يحد منه أفراد أو هيئات أجنبية غير إسلامية يشك المسلمون أحيانا فيها ويرون أنها تتصرف وفقا لما تمليه المصالح الأجنبية.
وقد يفسر هذا لماذا لا ينال "الإصلاحيون" من ذوي التوجيه أو التشجيع الغربي أي نجاح في استمالة تفكير المراجع الإسلامية المسئولة. وإنما هم ينالون الإعجاب أساسا من المستشرقين وأشياعهم، ومن ناحية أخرى كثيرا ما يدفع بالرجعية المصلحون الأصلاء من أبناء الأمة الذين قد