في شأن الولاية العامة قبل غير المسلم من الحكام والولاة، إذا قيض لهؤلاء أن يديروا أمر المسلمين!
- ولكن جمال الدين الأفغاني كان -إلى جانب ذلك- ينتزع الأمثلة من تاريخ الشعوب، ومن تاريخ الأمة الإسلامية نفسها، كما ينتزع الشواهد المحسوسة التي تفزع المسلمين من السياسة الاستعمارية في البلاد الإسلامية "في الهند ومصر على الخصوص".. هذه الأمثلة التي كان ينتزعها من شواهد الحياة الإسلامية ومظاهرها في وقته، مع بيان مدى ألاعيب السلطات الأجنبية ودسائسها، وهدفها الذي نهايته بسط النفوذ الأوروبي لصالح الجماعة الأوروبية وحدها على رقعة العالم الإسلامي.
هذا الاحتكاك المباشر نفسه هو الذي أظهر حركة جمال الدين في صورة حركة سياسية.. وهو نفسه السبب في أن يلقي جمال الدين بمركز الثقل في نشاطه على "الحرية السياسية" في الشرق الإسلامي "للمواطنين جميعا: مسلمين ومسيحيين".
- بدأ في نشاطه الحديث عن "الأمة" أكثر من الحديث عن المسلم، والحديث عما يجب أن يكون من صلة بين الحاكم والأمة من تبادل المشورة بينهما لا على نحو أن يكون أولهما سيدا والطرف الآخر مسودًا ومستعبدًا.
- كما بدأ الحديث عن مقاومة الاستعمار الغربي في صورة سافرة.
- بعد ذلك كله ... أكثر من الحديث عن مقاومة البدع، أو محاربة فرقة معينة من الفرق الإسلامية!
تلون نشاطه بهذا اللون السياسي العام، ولكن عماد هذا النشاط وأساسه الذي يقوم عليه ومصدره الذي يجب أن يخرج منه: بقي "القرآن" والقرآن وحده يقول: "لا ألتمس بقولي هذا -في الدعوة إلى الوحدة- أن يكون مالك الأمر في الجميع شخصا واحدا، فإن هذا ربما كان عسيرًا، ولكني أرجو أن يكون سلطان جميعهم القرآن, ووجهة وحدتهم الدين، وكل ذي ملك على ملكه يسعى بجهده لحفظ الآخر ما استطاع، فإن حياته بحياته وبقاءه ببقائه"١.