وفي وسعنا القول، إنّ «تاريخ واسط» ، الى فائدته التاريخية، يضيف الى كتب الحديث ورجاله مرجعا جديدا ذا أهمية بالغة.
ولا نعدم أن نجد بين المؤلفين القدامى للتصانيف التاريخية، من جرى في وضع كتابه على غرار ما صنعه مؤلف هذا الكتاب:
فكتاب «تاريخ الرّقّة» للقشيري، و «تاريخ داريّا» للخولاني، و «فضائل الشام ودمشق» للربعي، و «تاريخ بغداد مدينة السلام» ، للخطيب البغدادي، و «تاريخ مدينة دمشق» لابن عساكر، قريبة الشبه بما رمى اليه مؤلف تاريخ واسط من كتابه، على بعد الشقّة بينهم في الزمن، وتفاوت الغرض.
وعلى هذا، فانّ أول من بدأ التأليف في تواريخ البلدان، المحدّثون، إذ كان ذلك حاجة من حاجات علمهم «٥» .
وقد يصحّ القول، انّ التواريخ المحلية، أعني التواريخ التي أفردت للمدن، جرى مؤلفوها على نمط واحد خاص بها. فهي تتكون من «مقدمة طبغرافية، يتلوها تعداد للشخصيات التي ولدت، أو عاشت، أو كان لها اتصال ما بذلك المكان. وكانت هذه الشخصيات في البداية مقتصرة على علماء الدين.. وهذا النوع من التاريخ المحلّي، نشأ عن الحاجة الى زيادة الحيطة من اختلاف الأحاديث المكذوبة، بتقرير مواطن الرواة. وأقدم ما وصلنا من هذا النوع، هو تاريخ واسط الذي ألّفه بحشل في أواخر القرن التاسع للميلاد»«٦» .
وأول جيل تناولهم بحشل في تاريخه، هم من جاء واسطا من صحابة الرسول، ممن خدمه ورآه ونقل حديثه وسمع كلامه «٧» .