للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمال المقتنى يستغل إذا كان من شأنه ذلك؛ مثل أن يستغل في الدر، أو النسل، أو الركوب. قنا العنز قَنْوا (١) . وأما اقتناء أواني الذهب والفضة فالمراد به من غيراستعمال (٢) .

لا خلاف بين العلماء على جواز اقتناء الذهب والفضة إذا كانت على غير صورة الأواني. أما الأواني فقد اختلف الفقهاء في حكم اتخاذها من الذهب والفضة، من غير استعمالها، على قولين.

القول الأول:يجوز اتخاذ آنية الذهب والفضة، وهو مذهب الحنفية، وقول عند المالكية والشافعية، ورواية عند الحنابلة (٣) . واحتجوا لما ذهبوا إليه بأن الشرع ورد بتحريم الاستعمال دون الاتخاذ، فيبقى الاتخاذ على مقتضى الأصل في الإباحة؛ ولأن التحريم لم يكن لذات الآنية، بل للاستعمال (٤) . وقال القاضي أبو الوليد الباجي من المالكية لو لم يجز اتخاذها لوجب فسخ بيعها، وقد أجازها -أي الإمام مالك- في غير مسألة من المدونة. قال أبو بكر بن سابق هذا غير صحيح؛ لأن ملكها يجوز إجماعا، بخلاف اتخاذها. قال:وإنما يتصور فائدة الخلاف بأنا لا نجيز الاستئجار علي عملها، ولا نوجب الضمان على من أفسدها إذا لم يتلف من عينها شيئا، والمخالف يجيز الاستئجار ويوجب الضمان (٥) .

القول الثاني:يحرم اتخاذ آنية الذهب والفضة؛ لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال، في المعتمد من مذهب المالكية، وإن لامرأة، والأصح من مذهب الشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة (٦) ؛ لأن سد الذرائع واجب عند المالكية والحنابلة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (يحرم اتخاذها في أشهر الروايتين، فلا يجوز صنعتها، ولا استصياغها ولا اقتناؤها، ولا التجارة فيها، لأنه متخذ على هيئة محرمة الاستعمال، فكان كالطنبور (٧) وآلات اللهو، ولأن اتخاذها يدعو إلى استعمالها غالبا فحرم كاقتناء الخمر والخلوة بالأجنبية) (٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>