للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الصاوي من المالكية: (والحاصل أن اقتناءه إن كان بقصد الاستعمال فهو حرام باتفاق، وإن كان لقصد العاقبة، أو التجمل به، أو لا لقصد شيء، ففي كل قولان [عند المالكية] ، والمعتمد المنع (١) .

الترجيح

الراجح عندي هو جواز اقتناء أواني الذهب والفضة؛ إذا كان الاقتناء لغرض ادخارها لعاقبة الدهر، أو لتحويلها لما يجوز استعماله؛ كحلي للنساء؛ أو لا لشيء؛ يدل على ذلك ما ذكره أبو الأشعث من حديث عبادة بن الصامت، قال غزونا غزاة وعلى الناس معاوية فغنمنا غنائم كثيرة فكان فيما غنمنا آنية من فضة فأمر معاوية رجلاً أن يبيعها في أعطيات الناس فتسارع الناس في ذلك فبلغ عبادة بن الصامت فقام فقال: إني سمعت رسول الله (ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة. . إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى (٢) . فالأثر دال على جواز بيع أواني الذهب والفضة؛ لأن عبادة لم ينكر البيع، وإنما أنكر التفاضل، وعدم التقابض. ولما كان استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب محرما بالأحاديث الصحيحة التي سبق إيرادها؛ فإنه حينئذ لابد من حمل جواز شراء آنية الفضة المذكورة في الحديث على اقتنائها، أو استعمالها في مباح؛ وبهذا نكون قد وفقنا بين أحاديث النهي عن الأكل والشرب فيها، وبين الحديث الدال على جواز بيعها.

ولأن النهي عن استعمالها، فيبقى اقتناؤها على البراءة الأصلية. ولأن تحريمها لا لذاتها، وإنما لاستعمالها. وقياسها على آلات اللهو والطنبور لا يصح في نظري؛ لأن هذه لا فائدة فيها، أما أواني الذهب والفضة فإن لها قيمة مادية في ذاتها بصرف النظر عن كونهما آنية، ولأنه يمكن تحويلهما والاستفادة منهما في غير الاستعمال المحرم.

الفصل الخامس: استعمال وشراء المموه بالذهب أو الفضة

المبحث الأول: استعمال وشراء الآنية المموهة بالذهب أو الفضة

<<  <  ج: ص:  >  >>