للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في مادّة (ذ خ ر) : ((وادّخرت ادّخاراً، وهو افتعلت من الذُّخر؛ الأصل فيه اذتخرتُ، فقلبوا التّاء دالا، لقرب مخرجها منها، وأدغموا الذّال في الدّال، وكذلك يفعلون في نظائرها، مثل ادّكر، ونحوه)) (١) .

وقوله: ((المُدالاة: المفاعلة من الرِّفق، من قولهم: دَلَوته في السّير أدلوه دَلواً، إذا رفقت به في السير)) (٢) .

وقوله في مادّة (ك ور) : ((كار الرّجل إذا أسرع في مشيته يكور كَوْراً، واستكارَ استكارة. قال أبو بكر: وهذه الألف الّتي في استكار مقلوبة عن الواو، وكان الأصل: استكوَرَ، فألقيت فتحة الواو على الكاف، فانقلبت ألفاً ساكنة: وسمّي الرّجل مستكيراً من هذا)) (٣) .

وقوله في مادّة (ف ر ع) : ((وأمّا فرعون فليس باسم عربيّ يُحكّم فيه التّصريف. وأحسب أنّ النون فيه أصليّة؛ لأنّهم يقولون: تفرعن، وليس من هذا الباب)) (٤) .

ومثل هذا كثير في ((الجمهرة)) ، وهو يدلّ دلالة واضحة على تمكّن ابن دريد من التّصريف، إلى الحدّ الذي يؤهّله لوضع معجم لغويّ يقوم أساساً على معرفة أصول الألفاظ، وما يعتريها من زوائد، وهل يصحّ بعد هذا ما يردّده بعض الباحثين المعاصرين، وهو ((أنّ معظم أخطاء ابن دريد قد نتجت عن عدم خبرته بعلم الصّرف)) (٥) .

إنّ لخلل الأصول في الجمهرة أسباباً مختلفة منها ما يتّصل بمنهج ابن دريد، ومنها ما يتّصل برؤيته الخاصّة لبعض المسائل اللّغويّة، ومنها ما يحمل على السّهو. وفيما يلي أبرز الأسباب التي أدّت إلى الخلل والاضطراب في هذا المعجم:

الأوّل: اضطراب المنهج:

إنّ نظام التّقليبات وكثرة الأبواب والتّفريعات والملحقات غير المحكمة أوقعت ابن دريد في شيء غير قليل من خلل الأصول، فالمعجم مقسّم عنده إلى الثّنائيّ وما يلحق به، فالثّلاثيّ وما يلحق به، فالرّباعيّ وما يلحق به، فالخماسيّ وما يلحق به، ثمّ أبواب اللفيف وأبواب النّوادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>