للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدّم أنّ ابن دريد أملى الجمهرة من حفظه، وارتجلها ارتجالاً، ولم يستعن عليها بالنّظر في شيء من الكتب إلاّ في الهمزة واللّفيف فإنّه طالع لهما بعض الكتب، وهذا يفسر شيئاً مما وقع في الجمهرة من خلل واضطراب؛ لأنّ السّهو مع الإملاء لا يدفع. ولهذا تقدّم ابن دريد معتذراً عن التّقصير في آخر باب المعتلّ من الثّلاثيّ لما أحسّ بأنّ زمام المعجم يكاد يفلت من يده، فقال:

((هذا آخر الثّلاثيّ سالمه ومعتلّه، وذي الزّوائد منه، وإنّما أملينا هذا الكتاب ارتجالاً لا عن نسخة، ولا تخليد من كتاب قبله، فمن نظر فيه فليخاصم نفسه بذلك، فيعذر إنْ كانَ فيه تقصير أو تكرير)) (١) .

وكرّر اعتذاره في آخر المعجم قائلاً: ((وإنّما كان غرضُنا في هذا الكتاب قصد جمهور الكلام واللّغة، وإلغاء الوحشي المستنكر، فإنْ كنا أغفلنا من ذلك شيئاً لم ينكر علينا إغفاله، لأنّا أمليناه حفظاً، والشّذوذ مع الإملاء لا يدفع)) (٢) .

وهكذا غلبت حافظة ابن دريد، وحُبّه التّفرد، وغلبة الأقران، وانتزاع الإعجاب من التلامذة على ما كان ينبغي له أنْ يأخذ به نفسه في معجم لغويّ كبير، يقوم على منهج متشعّب الفروع. والإملاء إنّما يحسن في نوادر الأدب، لا في اللّغة والمعاجم، ولذا لم يعذر ابن دريد حينما رأى علماء العربيّة في معجمه خللاً واضطراباً.

وفي ظنّي أنّ ابن دريد لو تجنّب الارتجال ما وقع في كثير من الهنات والمآخذ، التي نُحصيها عليه اليوم.

الثّالث: هاء التّأنيث:

<<  <  ج: ص:  >  >>