للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٣٩] قال أبو العباس الوليد: وقد سمعت من شهد ذلك اليوم - يعني يوم قاتل ابن أسيد الخزر - في ولاية بني العباس (١) ، قال: وركب ابن أسيد على بغلة له شهباء، وقد تعبأ الناس وتهيأوا ووطنوا أنفسهم على القتال، وأقبل ابن أسيد على الناس بوجهه، فوعظهم وحرضهم، وقال لهم في ما يقول: يا معشر المسلمين وأبناء المهاجرين والشهداء إن الله قد أنعم عليكم وأحسن إليكم أن رزقكم الله هذا الأجر، وساقكم إلى هذا الموضع، وجعلكم ممن يختم عمره بالشهادة في سبيله؛ التي يكفر بها ذنوبكم، ويدخلكم بها الجنة، ويزوجكم من الحور العين، وقابلوا الله في هذه المواطن بالحسنى، واستحيوا من الله أن يطلع من قلوبكم على ريبة أو خذلان أو فرار من الزحف، فإن الله مقبل عليكم بوجهه، وقد اطلعت عليكم الحور العين، وزخرفت الجنة، وأنتم أبناء الشهداء، ومن فتح الله بهم القلاع والمدائن والحصون وجزائر البحور، وليس موت بأكرم من القتل، فلا يحدثن إنسان نفسه أن تزول قدماه من مكانهما لفرار ولا هرب، فوالله لو فعل ذلك فاعل منكم ليخطفه أهل هذا الجبل وهذه الأمم ولكانوا أعدى العدو له، فاستودعوا دماءكم هذه البقعة فإنها بقعة طيبة ساقكم الله إليها وأكرمكم بها، واعلموا أنه آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة، وإنما تقاتلون من لا يعرف الله ولا يوحده ومن يعبد الشمس والنار ويأكل الميتة، لا يعرف له رباً ناداً عن التوحيد وأهله، فلتصدق نيتكم، وليحسن ظنكم بثواب ربكم، وإنجاز موعده لكم، وقد استخلفت عليكم عبد الرحمن بن أسيد إن أصابتني مصيبة، ثم تقدم ابن أسيد إلى كل جند في الصف فكلمهم بهذا الكلام، ثم انصرف إلى الميسرة فكلمهم بمثل ذلك، ثم رجع إلى موضعه فنزل عن دابته، وذكر الحديث (٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>