للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان العرب أهل اللغة قادرين على التَّفريق بينهما بسهوله فلما أشرقت شمس الإسلام، ودخلت الأمم الأخرى في دين الله أفواجا، وأقبل الناس على تعلم لغة القرآن بدأ اللحن يظهر ويتفشى في اللسان، وقد كان من أقبح اللحن وأبشعه تذكير المؤنث أو تأنيث المذكر، وهذا النوع من اللحن يكاد يكون خاصاً بغير العرب، وقد شعر به الفصحاء إبّان ظهوره وتأذوا منه، فقال قائلهم يتضجر من لُكنة أم ولده:

أَوَّلُ ما أسمع منها في السَّحَرْ تذكيرها الأنثى وتأنيث الذَّكَرْ (١)

وأدرك علماء اللغة هذه المشكلة، وشعروا بصعوبتها فشرعوا في علاجها منذ عهد مبكر جداً بتأليف عددٍ من الرسائل والكتب في التَّفريق بين المذكر والمؤنث، ذكر منها الدكتور طارق نجم في مقدمته لتحقيق كتاب (المذكر والمؤنث لابن جني) ، نقلا عن الدكتور رمضان عبد التَّواب (٢٨) مؤلفاً، أولها كتاب أبي زكريا يحيى بن زياد الفراء، المتوفى سنة ٢٠٧هـ، وآخرها كتاب أحمد بن أحمد بن محمد السجاعي الشافعي البدراوي المتوفى سنة ١١٩٧هـ (٢)

ولا زال غير العربي يجد صعوبة في فهم التَّذكير والتَّأنيث نلمس ذلك جلياً واضحاً في لغة دارسي اللغة العربية من غير الناطقين بها في زماننا.

كما اعترف بذلك بعض من تعمق منهم في دراسة اللغة يقول برجشتراسر: " والتَّأنيث والتَّذكير من أغمض أبواب النحو ومسائلهما عديدة مشكلة، ولم يوفق المستشرقون إلى حلِّها حلاً جازماً، مع صرف الجهد الشديد في ذلك " (٣) .

ولمعهد اللغة العربية بجامعة أم القرى عناية بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، إذ صدر عنه عدد من البحوث والدراسات المعنية بهذا الأمر كان منها كتاب بعنوان: " الأخطاء اللغوية التَّحريرية لطلاب المستوى المتقدم في معهد اللغة العربية بجامعة أم القرى "، وهو الإصدار الخامس في سلسلة دراسات في تعليم اللغة العربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>