أما وصف الطبيعة فقد وظفته القاصة ليخدم الفكرة، فالشمس في قصتها " القرار الأخير "، " ترسل أشعتها الناعسة ترسم خيوطاً ذهبية، وتتزاحم في الأفق ألوان من الشفق الأحمر الذي يبعث في النفس راحة وطمأنينة، وتنساب في حقه لتملأ المكان وتلاعب أمواجها رمال الشاطئ في فرح " وهذا يناسب الغضبة الحمراء التي كان عليها جاسم من مطلب قرينته الثانية، ثم الطمأنينة التي أحس بها حين اتخذ قراره الأخير إزاء مريم إن أصرت على موقفها من زوجه الأولى.
ج - الحوار:
وهو جزء لا يتجزأ من نسيج القصة، وقد عمدت الأديبة إليه لتعرض به فكرة أو حدثاً أو تنميه وتطوره، أو ترسم به شخصية، وكان وسيلة لاستهلال بعض القصص كما في" للجدران آذان " إذ طالعتنا القصة بحوار جرى بين السجان وسجينه عرفنا من خلاله أن السجين كان بريئاً، وأنه سيفرج عنه (١٢٣) .
وقد تتخذّ " الناخي " الحوار لتنمية الحدث، ففي قصة " رماد " عرفنا إصابة الرجل، وتذمر الأسرة من الأوضاع الراهنة، واحتلال الجنود للمنازل، والانفجار الهائل عن طريقه (١٢٤) وفي " الصمت الصاخب " أدركنا المأزق الحرج الذي كانت فيه الأسرة وهي في طريق سفرها إذ تحركت شفتا السائق متمتماً بكلام غير مسموع، غير أن الوالد فاجأه بسؤال غير منتظر:
" ماذا تقول؟
أشعر بقلق.
لماذا؟
البحر.
ما به.
هو في طريقه إلينا.
ماذا؟
انظر هناك.. أتراه، سيداهمنا.. ما العمل؟
فلنتوقف وننتظر.
وانتابته رجفة فبدأ يخفف من اندفاع السيارة.
أوقف السيارة.
وخيمت لحظة صمت.
لقد صدق حدسي.
شعوري الداخلي لا يخطئ " (١٢٥) .
فهذا الحوار الذي داربين السائق ورب الأسرة أطلعنا على حدث جديد وهو أن تيار الموج بدأ يهجم على الطريق، وأن الخطر بدأ يحيق بالمسافرين، وقد أدى هذا إلى النهاية المفجعة التي آلت إليها هذه الرحلة البرية، وبذلك يكون للحوار دوره في تطوير الحدث ودفعه نحو الخاتمة.